فإدراك العقل القطعيّ للحكم المخالف للدليل النقليّ على وجه [1] لا يمكن الجمع بينهما في غاية الندرة، بل لا نعرف وجوده، فلا ينبغي الاهتمام به [2] في هذه الأخبار الكثيرة، ....
أمّا الأوّل، فتوضيحه: أنّ مثل هذا التعارض إمّا غير موجود أصلا أو هو نادر الوقوع جدّا، و معه يلزم أن تكون تلك الأخبار لغوا لأنّ الأئمّة (عليهم السّلام) اهتمّوا اهتماما شديدا على المنع عن الرجوع إلى الحكم العقليّ، بل حصروا (عليهم السّلام) وجوب العمل بالأحكام في ما يسمع عنهم (عليهم السّلام) و لو كان معارضا للعقليّ القطعيّ الذي لا يمكن الجمع بينه و بين النقليّ.
و أمّا الثاني، فتوضيحه: أنّه يلزم بطلان جميع الأحكام العقليّة و لو في صورة عدم التعارض، مع أنّ صاحب الحدائق (رحمه اللّه) قال آنفا: «فإن لم يعارضه دليل عقليّ و لا نقليّ فكذلك» [1] أي لا ريب في صحّة العمل بالدليل العقليّ [2].
[1] الجارّ هنا يتعلّق ب «المخالف».
[2] أي بأمر نادر، و المقصود: أنّ الشارع الأقدس لا ينبغي له الاهتمام ببيان حكم صورة التعارض بين العقل و النقل و إلزام المكلّف بتقديم الثاني على الأوّل، و الوجه فيه أنّ الحكيم ليس من شأنه الاهتمام بشيء نادر الوجود أو غير الموجود خارجا، و هو واضح.
[2] لا يخفى أنّ صاحب الحدائق (رحمه اللّه) ذكر هذا كلّه في الأحكام الغير التوقيفيّة، و أمّا في الأحكام التوقيفيّة فلم يقل بشيء من ذلك حتّى يرد عليه ما أورده المصنّف (رحمه اللّه)، فلا تغفل.