و من جميع الآفات و إن لم يصرّح المولى بكلّ واحد واحد منها على حدتها.
أقول: هنا مثال آخر يدلّ على أنّ توسّط الحجّة و السماع منه (عليه السّلام) لا دخل له في لزوم الإطاعة، و هو الحكم بإباحة الصيد الذي يستفاد من الأمر الواقع عقيب الحظر [1] في قوله تعالى: وَ إِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا[2].
ملخّص الكلام في المقام: أنّ السماع من الحجّة (عليه السّلام) هو لمجرّد كونه طريقا للوصول إلى الواقع [3]، و قد قرّر في محلّه أنّ الطريق لا دخل له في إثبات الحكم، و قد مرّ توضيح ذلك مفصّلا في القطع الطريقيّ المحض [4]، و أضف إلى ذلك كلّه استلزامه الدور بالتقريب المذكور في حاشية القلائد [5].
[1] إشارة إلى قوله تعالى: وَ حُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً (المائدة: 96).
[3] أقول: ما أوضحناه إلى هنا الهمنا من قوله (عليه السّلام): «عليكم بالدرايات لا بالروايات» (بحار الأنوار 2: 160، كتاب العلم باب 21 (آداب الرواية)، الحديث 12)، و من قوله (عليه السّلام):
«همّة السفهاء الرواية و همّة العلماء الدراية» (المصدر السابق، الحديث 13)، و يؤيّد ذلك كلّه أيضا قوله (عليه السّلام): «أنتم أفقه الناس إذا عرفتم معاني كلامنا» (المصدر السابق: ص 183، باب 26، الحديث 3).
[4] انظر الصفحة 81 و ما بعدها، ذيل عنوان «الجهة الاولى: امتناع أخذ القطع الطريقيّ في الحكم وقوعه وسطا للقياس بخلاف الموضوعيّ».
[5] انظر قلائد الفرائد 1: 88 حيث قال (رحمه اللّه): «إنّ مدخليّة قول المعصوم (عليه السّلام) في الحكم، إن كان المراد تقييد الحكم الواقعيّ به، فهو مستلزم للدور؛ كيف، و قول المعصوم (عليه السّلام) بوجوب شيء أو حرمته، يتوقّف على الوجوب و الحرمة واقعا؟! و إلّا لكان كذبا؛ فلو توقّف الوجوب و الحرمة واقعا على قول المعصوم (عليه السّلام) يلزم الدور».