الساعة» على تواتر الأخبار التي جاء فيها ذكر المهديّ و أنّه من المقطوع به و أنّه من ولد فاطمة و أنّه يملأ الأرض عدلا. انتهى.
هذه جملة من تصريحات هؤلاء الأعلام باستفاضة الأخبار الواردة في المهديّ المنتظر و تواترها و القطع بما دلّت عليه و تعين الاعتقاد بذلك، فهل يجوز بحسب القواعد المقرّرة المناقشة في ذلك فضلا عن الإنكار؟
و لو أغمضنا النظر عن هذه التصريحات و الشهادات و نظرنا في أحاديث الباب من حيث السند و الدلالة يمكننا أن نجعلها ثلاث طوائف:
الطائفة الأولى: صحيحة السند ظاهرة الدلالة خالية من كلّ ريب قد نصّ أئمّة الحديث و أكابر الحفّاظ على صحّتها أو حسنها، و شهد الحاكم في «المستدرك» على صحّة بعضها على شرط الشيخين البخاري و مسلم، و لا شكّ في وجوب الأخذ بهذه الطائفة و العمل بها و الاعتقاد بما دلّت عليه.
الطائفة الثانية: أحاديث غير صحيحة من حيث السند و إن كانت ظاهرة الدلالة، و القواعد المقرّرة توجب الأخذ بها أيضا؛ لاعتضادها و انجبارها بالطائفة الأولى و أخذ المشهور لها، بل بالإجماع على مضمونها.
الطائفة الثالثة: و فيها الصحيح و الضعيف و لكنّها مخالفة لعامّة الأحاديث المستفيضة المتواترة، و اللازم طرحها و الإعراض عنها إن لم يمكن تأويلها مثل ما دلّ على أنّ اسم المهدي أحمد أو أنّ اسم أبيه يوافق اسم أب النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، أو أنّه من أولاد أبي محمّد الحسن الزكي؛ فإنّها أحاديث شاذّة قد أعرض عنها المشهور.
و يمكن أن يقال: إنّ منشأ الأوّل ما ورد أنّ اسم المهدي يوافق إسم النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلم، فظنّه أحمد، مع أنّ الروايات مستفيضة بأنّه محمّد، كما أنّ المظنون أنّ الثاني و الثالث منها صنيعة الدينار و الدرهم، و ستقف-إن شاء اللّه تعالى-على تفصيل هذا الإجمال، و تعرف حقيقة الحال.
و هنا نكتة لا بدّ من التنبيه عليها و الإشارة إليها، و هي أنّ الطائفة الأولى و الثانية قد اشتمل بعضها-و الظاهر أنّه حديثان أو ثلاثة-على أمور قامت الضرورة و شهد التتبّع