اسم الکتاب : المحاسن و المساوي المؤلف : البيهقي، ابراهيم الجزء : 1 صفحة : 160
عاد السّرور إليك في الأعياد # و سعدت من دنياك بالأسعاد
رفقا بشكر جلّ ما أوليته # رفقا فقد أثقلته بأيادي
ملأ النّفوس مهابة و محبّة # بدر بدا متغمّرا بسواد
ما إن أرى لك مشبها فيمن أرى # أمّ الكرام قليلة الأولاد
و لآخر:
إذا ما أتاه السّائلون توقّدت # عليه مصابيح الطّلاقة و البشر
له في ذرى المعروف نعمى كأنّها # مواقع ماء المزن في البلد القفر
محاسن صلات الشعراء
قيل: دخل جرير [1] على عبد الملك بن مروان و قد أوفده إليه الحجاج بن يوسف، فدخل محمد بن الحجاج فقال: يا أمير المؤمنين هذا جرير مادحك و شاعرك، فقال: بل مادح الحجاج و شاعره، فقال جرير: إن رأى أمير المؤمنين أن يأذن لي في إنشاده مدحة فيه، قال:
هات ابدأ بالحجاج، قال: بل بك يا أمير المؤمنين، فقال: هات ابدأ بالحجاج، فأنشده:
صبرت النّفس يا ابن أبي عقيل # محافظة فكيف ترى الثّوابا
و لو لم ترض ربّك لم ينزّل # مع النّصر الملائكة الغضابا
إذا شعر الخليفة نار حرب # رأى الحجّاج أثقبها شهابا
فقال: صدقت كذاك هو، ثم قال للأخطل [2] : قم فهات مديحا، فقام فأنشد و أجاد و أبلغ، فقال: أنت شاعرنا و أنت مادحنا، قم فاركبه، فألقى النصراني ثوبه و قال: خبّ يا ابن المراغة، فساء ذلك من حضر من مضر و قالوا: يا أمير المؤمنين إن النصراني لا يركب الحنيف المسلم!فاستحيا عبد الملك و قال: دعه، قال جرير: فانصرفت أخزى خلق اللّه، حتى إذا كان يوم الوداع دخلت لأودعه فأنشدته:
أ لستم خير من ركب المطايا # و أندى العالمين بطون راح
فقال: بلى نحن كذلك، أعد، فأعدت و أسفر [3] لونه و ذهب ما كان في قلبه، فالتفت إلى محمد بن الحجاج فقال: أ ترى أم حزرة يرويها مائة من الإبل؟فقلت: نعم يا أمير
[1] جرير بن عطية الخطفي من فحول الشعراء في العصر الأموي توفي سنة (115 هـ) .
[2] الأخطل غياث بن غوث و لقب بالأخطل لأنه مشتق من الخطل و هو استرخاء الأذن و كان نصرانيا من شعراء العهد الأموي توفي سنة (92 هـ) .
[3] أسفر أي سرّ و منه قوله تعالى، وجوه يومئذ مسفرة.
اسم الکتاب : المحاسن و المساوي المؤلف : البيهقي، ابراهيم الجزء : 1 صفحة : 160