حَسَنَةٌ )[1] وقال تعالى : ( قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ )[2] والقرآن إنّما يأمر بالتأسّي باعتباره الميزة الأخلاقية والإنسانية فيمن يجعله أُسوة لا باعتبار المقام الدنيوي . كما أنّه يعدّ عبداً أسود باسم ( لقمان ) حكيماً ، ويجعله علماً للحكمة مع أنّه لم يكن من الملوك ، ولا من الفلاسفة المعروفين ، ولا من الأثرياء ، وإنّما كان عبداً نافذ البصيرة . ومن هذا القبيل مؤمن آل فرعون ، ومؤمن آل ياسين .
والذي نريد أن نبحث عنه في هذا الكتاب الذي جعلنا موضوعه : البحث في المجتمع والتاريخ من وجهة النظر الإسلامية ، هو مباحث التاريخ العلمي ، وفلسفة التاريخ ؛ لأنّ هذين هما المؤثّران في الفكرة العامة عن الكون ؛ ولذلك فنحن نفصّل البحث عنهما ونبدأ بالتاريخ العلمي .
التاريخ العلمي :
وقبل البحث لا بد من أن نذكر أنّ التاريخ العلمي يبتني على ما ذكرناه سابقاً من أصالة المجتمع ، وتشخّصه مستقلاً عن الأفراد . إذ لو لم يكن للمجتمع استقلال وأصالة لم يكن هناك إلاّ الأفراد والقوانين الحاكمة عليهم ، وحينئذ لا يبقى موضوع للتاريخ العلمي الذي هو عبارة عن العلم بالقواعد ، والسنن الحاكمة على المجتمعات . فافتراض قانون للتاريخ يتفرّع على وجود التاريخ في الطبيعة ، ووجوده