الأصل عبارة عن تعريف بسيط للمراحل المتوالية التي اجتازها المجتمع البشري ) [1] .
كل نوع من أنواع الموجودات الحيّة ، من الثدييات والزواحف والطيور وغيرها ، له مجموعة من القوانين التي ترتبط بنوعيّته ، فما دام في تلك النوعية تتحكم فيه تلك القوانين ، كالقوانين المتعلقة بالمرحلة الجنينية للحيوان ، أو بسلامته ومرضه ، أو كيفية تغذيته ، أو كيفية التوليد وتربية المولود ، أو غرائزه ، أو هجرته ، أو تناسله . ولكن بناءاً على نظرية التطوّر وتكامل الأنواع لكل نوع من الحيوان ـ مضافاً إلى قوانينه النوعية الخاصة ـ قوانين أُخرى ترتبط بتطوّره وتكامله ، وانتقال النوع الأدنى إلى النوع الأعلى . وهذه القوانين ذات طابع فلسفي ، وربّما تسمّى فلسفة التكامل بدلاً من العلم البيولوجي .
والمجتمع أيضاً ـ بمقتضى كونه موجوداً حيّاً ـ له نوعان من القوانين : قوانين الحياة وقوانين التكامل . فكل ما يرتبط بأسباب حدوث الحضارات وعلل سقوطها ، وأوضاع الحياة الاجتماعية ، والقوانين العامة المسيطرة على جميع المجتمعات في جميع الأطوار والمراحل نعبّر عنها بقوانين الكون . وكل ما يرتبط بأسباب التقدّم في المجتمعات ، واجتيازها من مرحلة إلى أُخرى ، ومن نظام إلى نظام نعبّر عنها بقوانين التطوّر . وسنبيّن الفرق بينهما بوضوح عندما نتعرّض لمسائل القسمين .
إذن ، فعلم التاريخ بالمعنى الثالث : علم تطوّر المجتمعات من مرحلة إلى أُخرى ، لا علم حياتها وكونها في مرحلة خاصة ، أو في جميع