responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المجتمع والتاريخ المؤلف : المطهري، الشيخ مرتضى    الجزء : 1  صفحة : 32

وهنا ينبغي أن نشير إلى أنّ الرضا بالمعصية ما دام مجرّد رضا في النفس ، ولم يصاحبه عمل خارجي لا يعتبر ذنباً . فلو أذنب أحد وعلم به آخر قبل العمل أو بعده ففرح بذلك لم يعتبر مذنباً ، بل إرادة الذنب والعزم عليه لا يُعد ذنباً ما لم يصل إلى مرحلة العمل . وإنّما يعد الرضا بالذنب ذنباً إذا كان مؤثّراً في إرادة المجرم وتصميمه وعمله ، كما إذا كان الذنب جريمة اجتماعية ، فالجو الاجتماعي والروح الجماعية تستقبل الذنب وترضى به وتسير نحوه ، ويباشر العمل فرد من أفراد ذلك المجتمع في حين أنّ تصميمه وإرادته للعمل جزء من تصميم الكل وإرادته ، وهكذا يُعدّ الذنب ذنباً للجميع ، وهذا هو المراد في كلام الإمام ( عليه السلام ) الذي ورد تفسيراً للآية المباركة ، وأمّا مجرّد الفرح والرضا من دون أن يكون لهما مدخليّة في الذنب فلا يُعدّان ذنباً .

وقد نسب في القرآن بعض الأعمال التي ارتكبتها الأجيال السابقة إلى الجيل المتأخّر ، كما نسب أعمال بني إسرائيل في عهود الأنبياء السابقين إلى اليهود في عهد الرسول الأكرم (ص) ، وقد حكم عليهم باستحقاق الذلّة والمسكنة لقتلهم الأنبياء بغير حق . والسر في ذلك أنّ هؤلاء ـ من وجهة النظر القرآنية ـ استمرار لأولئك القوم ، بل هم قوم واحد بلحاظ الروح الاجتماعية . ومن هنا قيل إنّ البشرية تتشكّل من الأموات أكثر من تشكّلها من الأحياء [1] ، يعني : أنّ للأموات والسلف سهماً أكبر في تشكيل عناصر البشرية من الأحياء والباقين . ومثل ذلك ما قيل : ( إنّ الأموات يحكمون على الأحياء أكثر من ذي قبل ) [2] .


[1] اوغسست كونت حسب ما أورده ريمون ارون في كتاب ( مراحل أساسي انديشة در جامعة شناسي ص117 ) .

[2] المصدر السابق .

اسم الکتاب : المجتمع والتاريخ المؤلف : المطهري، الشيخ مرتضى    الجزء : 1  صفحة : 32
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست