وقال تعالى في سورة غافر / 5 : ( وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ ) . هذه الآية تتحدث عن إرادة سوء اجتماعية لمحاولة فاشلة في معارضة الحق .
وتحكم الآية الكريمة بأنّ جزاء هذا العمل والإرادة الاجتماعية هو العذاب العام الشامل .
ثم إنّ هناك موارد في القرآن الكريم ينسب العمل الصادر من الفرد إلى مجتمعه ، والعمل الصادر من جيل إلى الأجيال المتأخّرة [1] ؛ وذلك فيما كان لهم جميعاً فكر اجتماعي واحد ، وإرادة اجتماعية واحدة ، وكما يقال : لهم روح اجتماعية واحدة . ( مثال ذلك ) ما ورد في قصة ثمود حيث عمد أحدهم إلى عقر ناقة صالح ، والقرآن ينسب ذلك إلى القوم بأجمعهم فيقول : ( فعقروها ) ، فاعتبرهم جميعاً مجرمين ، كما اعتبرهم جميعاً مستحقّي العقاب ، فقال تعالى : ( فدمدم عليهم ربّهم ) .
وقد أوضح ذلك الإمام علي ( عليه السلام ) في إحدى خطبه في نهج البلاغة ، حيث قال : ( يا أيّها الناس ، إنّما يجمع الناس الرضا والسخط ) . فبيّن الإمام ( عليه السلام ) أنّ الرضا والسخط مقياس ـ وإن أتى به واحد منهم ـ فهم مشتركون في حكمه وجزائه ، وكذلك اجتماعهم على السخط بالنسبة إلى عمل ، قال ( عليه السلام ) : ( إنّما عقر ناقة ثمود رجل واحد ، فعمّهم الله بالعذاب لما عمّوه الرضا ، فقال : ( فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ ) ) .
[1] الآية 79 من سورة البقرة .. والآية 112 من سورة آل عمران .