responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المجتمع والتاريخ المؤلف : المطهري، الشيخ مرتضى    الجزء : 1  صفحة : 27

عن سائر المركّبات الطبيعية في أنّ الكل والمركّب هنا ليس موجوداً واقعياً له هويّته الخاصة ، بخلاف تلك المركّبات الطبيعية فإنّ ذات الأجزاء تتبدّل بعد التركيب من جرّاء التفاعل مع بعض ويتحقق المركّب كآمر واقعي موحّد . فالموجود حينئذٍ هو أمر واحد ذو أجزاء وقد تبدّلت كثرة الأجزاء إلى وحدة الكل . وأمّا تركّب المجتمع من الأفراد فهو تركيب واقعي ؛ لأنّ التفاعل الواقعي يتحقق بين الأفراد ـ وهم أجزاء المجتمع ـ فتتبدل الصورة الفردية إلى صورة جماعية ، إلاّ أنّ كثرة الأفراد لا تتبدل حقيقة إلى وحدة الكل ، فليس هنا واحد حقيقي تنحل فيه الكثرات ، بل الكل هنا موجود اعتباري انتزاعي هو مجموع الأفراد .

د ـ إنّ تركيب المجتمع تركيب حقيقي فوق التركيبات الطبيعية ، فإنّ الأجزاء في المركّب الطبيعي لها ذوات وآثار حقيقية قبل التركيب ، وإنّما تمهّد الطريق لتحقق ظاهرة جديدة بالتفاعل والتأثّر فيما بينها .

ولكنّ الإنسان قبل الاندراج في سلك المجتمع ليست له هوية إنسانية ، بل هو استعداد محض له قابلية التلبّس بالروح الجماعية . والإنسان مع قطع النظر عن هذه الروح حيوان محض له استعداد الإنسانية ، فهو إنسان بالقوّة . وإنّما تبرز إنسانية الإنسان ، والشعور النفسي بالروح الإنسانية ، وفعليّة الفكر الإنساني ، والعواطف البشرية ، وكل مميّزات الإنسان من أحاسيس وميول وأفكار وعقائد وعواطف ( إنّما تبرز ) تحت إشعاع الروح الجماعية ، وهي التي تملأ الإناء الفارغ البشري ، وتجعل من الشخص شخصية إنسانية . والروح الجماعية تلازم الإنسان ولا تفارقه أبداً ، وتتجلّى في ضمن الآثار الخلقية والدينية والعلمية والفلسفية والأدبية ، فالتفاعل والتأثير والتأثّر الروحي والثقافي بين الأفراد إنّما يتم بسببها ولا تتحقق قبلها . إذن فالوضع الاجتماعي مقدّم على الخصائص

اسم الکتاب : المجتمع والتاريخ المؤلف : المطهري، الشيخ مرتضى    الجزء : 1  صفحة : 27
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست