هذا وأما ما ذكره المنطقيون في القياس الاستثنائي من أن رفع المقدم لا يقتضي رفع التالي، فهو مبني على أن مرادهم من الشرطية ما تضمن مجرد الاتصال بين النسبتين، على ما سبق عند الكلام في دلالة الشرطية على اللزوم.
وينبغي التنبيه على أمور..
الكلام في الشرطية التي لا تتضمن (إن)
(الأول): أشرنا في أول الفصل إلى أن المتيقن من محل الكلام الجملة المقترنةب(إن) ونحوه، لأن (إن) أظهر أدوات الشرط في إفادة الخصوصية المستلزمة للمفهوم، وهي الإناطة والتعليق. ولكن الظاهر مشاركة كثير من أدوات الشرط لها سواء كانت جازمةك(من) و(م)، أم لا ك(إذ)كمايؤيده النصوص المتقدمة. ولاينافي ذلك ماصرح به النحويون من أن (إذ) وصلتها جملة ظرفية معمولة للجزاء، لأنه لوتم فتضمن(إذ) معنى الظرف لا ينافي إفادتها الإناطة أيض. نعم ما يقل استعماله في أعرافنا مثل(أيان) و(حيثم) و(إذم) و(متى) و(مهم) لا يسهل تحديد مفادها بالتبادر، وإن كان من القريب مشاركتها لسائر أدوات الشرط في التعليق والإناطة، وأن ذلك هو المنشأ لعدّ النحويين لها من أدوات الشرط.
بل الظاهر إستفادة المفهوم من الشرطية الخالية عن الأداة، وهي المتضمنة لجواب الطلب، نحو: (أسلم تسلم) لقوة ظهورها في التعليق والإناطة. ويؤيدها ما في صحيحة جميل عن أبي عبدالله(ع): (قال له رجل: جعلت فداك إن الله يقول: {ادعوني أستجب لكم} وإنا ندعوا فلا يستجاب لن. قال: لأنكم لا تفون الله بعهده، وإن الله يقول: {أوفوا بعهدي أوفِ بعهدكم} والله لو وفيتم لله لوفى الله لكم)[1].
نعم يشكل استفادة المفهوم من الحملية المشعرة بالشرط، وهي التي