لكن لا إشكال في استهجان استعمالها فيما لو كان الجزاء متقدماً رتبة، كما لو قيل: إن انكسر الإناء وقع على الأرض، وإن طهر الثوب غسِل. وأما مثل الاستعمالين المتقدمين فليس الجزاء فيه علة للشرط،بل معلول له - كما نبه له غير واحد في الجملة - لأن مفاد نسبة الجزاء فيه ليس محض الحدوث الذي هو علة للشرط، ولذا لو قيل بدل المثالين المتقدمين: إن عوفي زيد شرب الدواء، وإن أفطر مرض، انقلب المعنى. بل مفادها في المثال الأول التحقق والاتضاح الذي هو مفاد (قد) وفي المثال الثاني ذلك أيض، أو التقرر والثبوت الذي هو مفاد الجملة الاسمية، وكلاهما مسوقان لبيان لزوم العلم بالجزاء بطريق الإنّ، المبني على الانتقال من وجود المعلول لوجود العلة، ومن الظاهر أن العلم بالعلة في مثل ذلك معلول للعلم بالمعلول ومترتب عليه. ويشهد به دخول الفاء على الجزاء الدالة على ترتب ما بعدها على ما قبله، ولا معنى لترتب العلة على المعلول إلا بلحاظ ترتب العلم بها على العلم به.
وأما استعمالها فيما لو كانا متحدي الرتبة، كما في قولنا: إن صارت هند زوجة لك صرت زوجاً له، وإن ركع زيد ركع عمرو فيما لوكانامأمومين في جماعة واحدة، فلا يبعد ابتناؤه على التوسع بتجريد (إن) عن الشرطية واستعمالها في الظرفية، أو بادعاء ترتب الجزاء على الشرط، بسبب سبق فرضه، حيث يستتبع فرض الجزاء بضميمة التلازم بينهم، كما يناسب الثاني الفرق ارتكازاً بحسب المعنى في كل طرف بين جعله شرطاً وجعله جزاءً، وليس هو كالتقديم والتأخير في مثل: اشترك زيد وعمرو، لا أثرله في المعنى.
وإلا فمن البعيد جداً إفادة الشرطية القدر الجامع بين خصوص ترتب