القول برجوع الوجوب التخييري لوجوب أحد الأطراف المعين في علم الله تعالى
(الثالث): أن الوجوب التخيري راجع إلى وجوب واحد معين في علم الله تعالى، إما مع البناء على أنه يعلم عندنا بفعل المكلف ويتعين به، أو على أنه لايعلم ولا يتعين حتى بفعله، بل لو صادف أن فعل غير ما هو المعين عند الله كان مسقطاً للتكليف من دون أن يكون امتثالاً له، نظير التخيير بين الإنفاق على الزوجة وطلاقه. لكن ظهور وهن هذا الوجه مغنٍ عن إطالة الكلام في دفعه.
المختار في المقام
ومن هنا كان الظاهر بعد التأمل في المرتكزات العقلائية أن الوجوب التخييري تكليف واحد متحد مع التكليف التعييني سنخ، ولا يختلف عنه إلا في المتعلق وكيفية التعلق، فالتعييني يتعلق بالماهية المعنية بنحو يدعو إلى تحقيقها بعينه، والتخييري يتعلق بإحدى الماهيتين أو الأكثر بخصوصيتها بنحو يدعو إلى تحقيق إحداها بدلاً من دون أن يتعلق بقدر مشترك بينها يدعو إلى تحقيقه بعينه، كما لايصح نسبته لواحد منها إلا بضم الآخر إليه بنحو التخيير، بخلاف التعييني.
ودعوى: أنه يكفي في وحدة متعلقه تعلقه بعنوان أحد الأمرين، حيث يدعو له بعينه، ويقتضي تحقيقه بفعل أحد فرديه.
مدفوعة بأن عنوان أحد الأمرين منتزع من كل منهما بخصوصيته، ويحكي عنهما كذلك، من دون أن يحكي عن جهة مشتركة بينهما حقيقية - كالعلم - أو اعتبارية - كالزوجية - أو انتزاعية - كالفوقية - ولذا يطابق مفاد العطف ب(أو) الذي هو معنى حرفي قائم بالأطراف ذات الغرض والأثر، من دون أن يكون بنفسه موضوعاً لهم، ومع عدم وجود منشأ لانتزاع العنوان زائد على الخصوصيتين يكون منشأ للغرض والأثر لامجال لكون العنوان متعلقاً للتكليف، بل لابد من كون متعلقه الخصوصيتين بأنفسهما بنحو يقتضي التخيير