قبل سنوات تعرَّفت على رجل مُثقَّف ومؤمن ، كان يُتقن ثلاث لُغات ، ويُحبُّ المُطالعة كثيراً ، وكان يُحاول دائماً الحصول على مزيد مِن الكتب والمَجلاَّت العلميَّة ، التي تصدر في مُختلف دول العالم ؛ ليطَّلع مِن خلالها على الاختراعات والاكتشافات العلميَّة الجديدة في العالم ، ولأنَّه كان رجلاً مُتديِّناً ومؤمناً ؛ فإنَّه كان يأتي إلى بين الحين والآخر ؛ ليسألني حول موضوع جديد قرأه في الكُتب والمَجلاَّت ، وما إذا كان القرآن الكريم والأئمَّة (عليهم السلام) قد تطرَّقوا إلى مِثل هذا الموضوع أم لاَ .
وفي ظهيرة أحد أيَّام الصيف الحارَّة اتَّصل بي ، وقال : أُريد أنْ أراك بسُرعة ؛ حيث لديَّ موضوع جديد ، أُريد أنْ أُطلعك عليه .
وبعد عِدَّة ساعات جاءني الرجل ، وهو يحمل في يده مَجلَّة أجنبيَّة ، ثمَّ فتح المَجلَّة وإذا فيها صورة رجل جالس على كرسيٍّ ، وعلى رأسه قُبَّعة خاصَّة ، تتفرَّع منها أسلاك عديدة تتَّصل بلوحة قريبة مِن الكُرسي ، وفي نفس صفحة مِن المَجلَّة عدد مِن لوحات الحفر الزنكوكرافي (الغرافر) مساحة كلَّ واحد منها ، كمساحة علبة كبريت ، وتظهر على كلِّ واحد منها خطوط بيضاء مُنكسرة ، عريضة ورفيعة ، ورفيعة جِدَّاً مُتباعدة ومُتقاربة ، ومُتقاربة جِدَّاً ، وهي تختلف مِن حيث قطرها وسماكتها وأشكالها .
لقد قاموا بتصميم وصنع هذه الأجهزة ؛ لتقوم بتسجيل الموجات المُنبعثة مِن دماغ المريض ، على شريط مِن ورق ، يوضع تحت تصرُّف الطبيب ؛ ليتمكَّن بواسطته مِن التعرَّف على طبيعة المرض الدماغي ، الذي يُعاني منه المريض ، وبالتالي وصف العلاج الذي تتطلَّبه حالة المريض ، ولكنَّ لوحات الغرافر المطبوعة في هذه المجلَّة