حُكي أنَّ بهرام الملك خرج يوماً للصيد فانفرد عن أصحابه ، فرأى صيداً فتبعه طامعاً في لحاقه حتَّى بَعُد عن عسكره ، فنظر إلى راعٍ تحت شجرة فنزل عن فرسه لحاجة ، وقال للراعي : احفَظ عليَّ فرسي حتَّى أعود ، فعَمد الراعي إلى العنان ـ وكان مُلبَّساً ذهباً كثيراً ـ وأخرج سكِّيناً فقطع أطراف اللجام وأخذ الذهب الذي عليه .
نظر بهرام نظرة إليه فرآه ، فغضَّ بصره وأطرق برأسه إلى الأرض ، وأطال الجلوس حتَّى أخذ الرجل حاجته .
ثمَّ قام بهرام فوضع يده على عينيه وقال للراعي : قَدِّم إليَّ فرسي ، فإنَّه قد دخل في عيني مِن سافي الريح فلا أقدر على فتحهما ، فقدَّمه إليه فركب وسار إلى أنْ وصل عسكره فقال لصاحب مراكبه : إنَّ أطراف اللجام قد وهبتها فلا تتَّهمَنَّ بها أحداً .
هذا الراعي لم يكن سارقاً مُحترفاً ، كما أنَّ ذلك المقدار مِن الذهب لم يكن ذا قيمة عند بهرام ، فلو أنَّه كان قد أظهر علمه بما فعل الرجل وأمر عند عودته بالقبض عليه ، واسترجاع الذهب منه ومُعاقبته على السرقة ؛ لكان في ذلك تصغير لشخصه بالإضافة إلى تحطيم كرامة الراعي . ولكنَّه بهذا التغافل والتغاضي أخفى سِرَّ الراعي كما رفع مِن قيمة نفسه الإنسانيَّة وكرم أخلاقه [1] .