لّمَا صارَ محمد (صلى الله عليه وآله) ابْنَ سَبْعِ سِنينَ قالَ لأُمَّهِ حَليمَةَ : (يا أُمِّي ، أَيْنَ إخْوَتي ؟) .
قالتْ : يا بُنيّ إنَّهُمْ يَرْعَوْنَ الغَنَمَ التي رَزَقَنا الله إيَّاها بِبَرَكَتِكَ .
قالَ : (يا أُمّاهُ ، ما أَنْصَفْتِني !) .
قالَتْ : كَيْفَ ذلِكَ يا وَلَدي ؟!
قالَ : (أكُونُ أَنا في الظِّلِّ وإخْوَتي في الشَّمْسِ والْحَرِّ الشّديدِ وأنا أَشْرِبُ مِنها اللَّبَنَ !) .
الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) كان وهو في سِنِّ السابعة يتحدَّث مع مُرضعته عن الإنصاف داخل مُحيط الأُسرة الصغير ، ويُنمِّي في عقله الفتيِّ مفهوم العدل والإنصاف ، وعندما بلغ (صلى الله عليه وآله) وشَبَّ ترسَّخ هذا المفهوم في ذهنه أكثر ، وعمد إلى نقل هذا المفهوم مِن مُحيط الأُسرة المحدود وتطبيقه على مُحيط مدينة مَكَّة الواسع ، فاجتمع (صلى الله عليه وآله) مع مجموعة مِن كِبار رجال العرب في حِلف سُمِّيَ بـ : (حلف الفضول) وذلك بهدف تحقيق العدالة وتطبيق العدل الاجتماعي ، فتحالف معهم دفاعاً عن حقوق الناس ، وكان ما كان كما نقله لنا التاريخ .
كان نفر مِن جُرْهم وقطوراء يُقال لهم : الفضيل بن الحارث الجُرهمي ، والفضيل بن وداعة القطوريِّ ، والمفضل بن فضالة الجرهمي اجتمعوا فتحالفوا أنْ لا يُقرُّوا ببطن مَكَّة ظالماً ، وقالوا : لا ينبغي إلاَّ ذلك ؛ لما عَظَّم الله مِن حَقَّها ، فقال عمر بن عوف الجُرهمي :