فقالت : نعم هؤلاء ، فتقدَّم الأربعون قَسامة ، وشهدوا عند عمر أنَّ الغُلام مُدَّعٍ ، يُريد أنْ يفضحها في عشيرتها ، وأنْ هذه جارية مِن قريش لم تتزوَّج قَطُّ ، وأنَّها بخاتم رَبِّه .
فقال عمر : خذوا بيد الغُلام وانطلقوا به إلى السِّجن ، حتَّى نسأل عن الشهود ، فإنْ عَدْلت شهادتهم جَلدته حُدَّ المُفتري . فأخذوا بيد الغُلام ، وانطلقوا به إلى السِّجن ، فتلقَّاهم أمير المؤمنين عليٌّ (عليه السلام) في بعض الطُّرق ، فنادى الغُلام : يا ابن عَمِّ رسول الله ، إنِّي غُلام مظلوم ، وأعاد عليه الكلام الذي تكلَّم به عند عمر ، ثمَّ قال : وهذا عمر قد أمر بي إلى السِّجن .
فقال عليٌّ (عليه السلام) : (ردُّوه إلى عمر) .
فلمَّا ردُّوه قال لهم عمر : أمرت به إلى السِّجن فرددتموه إليَّ !
فقالوا : يا أمير المؤمنين ، أمرنا عليُّ بن أبي طالب أنْ نرُدَّه إليك ، وسمعناك تقول : لا تعصوا لعليٍّ أمراً .
فبينا هم كذلك ، إذ أقبل عليٌّ (عليه السلام) ، فقال : (عليَّ ، بأمِّ الغُلام) ، فأتوا بها .
فقال عليٌّ (عليه السلام) : (يا غُلام ، ما تقول ؟) .
فأعاد الكلام على عليٍّ (عليه السلام) .
فقال علي لعمر : (أتأذن لي أنْ أقضي بينهم ؟) .
فقال عمر : سبحان الله ، وكيف لا ، وقد سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)يقول : أعدلكم عليُّ بن أبي طالب (عليه السلام) .