قال : سمعت غلاماً بالمدينة ، وهو يقول : يا أحكم الحاكمين ، أُحكم بيني وبين أُمِّي ! فقال له عمر بن الخطاب : يا غلام ، لمَ تَدْعُو على أُمِّك ؟!
فقال : يا أمير المؤمنين ، إنَّها حملتني في بطنها تسعاً ، وأرضعتني حولين كاملين ، فلمَّا ترعرعتُ وعرفت الخير مِن الشَّرِّ ويميني مِن شِمالي طردتني ، وانتفت مِنِّي ، وزعمت أنَّها لا تعرفني .
فقال عمر : أين تكون الوالدة ؟
قال : في سقيفة بني فلان .
فقال عمر : عليَّ بأُمِّ الغُلام . فأتوا بها مع أربعة أخوة لها ، وأربعين قَسَّامة يشهدون لها أنَّها لا تعرف الصبي ، وأنَّ هذا الغُلام مدَّعٍ ظالم ، يُريد أنْ يفضحها في عشيرتها ، وأنَّ هذه جارية مِن قريش لم تتزوَّج قطُّ ؛ لأنَّها بخِتام ربِّها .
فقال عمر : يا غُلام ، ما تقول ؟
فقال : يا أمير المؤمنين ، هذه ـ والله ـ أُمِّي ! حملتني في بطنها تسعاً ، وأرضعتني حولين كاملين ، فلمَّا ترعرعت وعرفتُ الخير والشَّرَّ ، ويميني مِن شمالي طردتني ، وانتفت مِنِّي ، وزعمتْ أنَّها لا تعرفني !
فقال عمر : يا هذه ، ما يقول الغُلام ؟
فقالت : يا أمير المؤمنين ، والذي احتجب بالنور ، فلا عين تراه ، وحَقِّ محمد وما ولد ، ما أعرفه ولا أدري مِن أيِّ الناس هو ! وإنَّه غلام يُريد أنْ يفضحني في عشيرتي ، وأنا جارية مِن قريش ، ولم أتزوَّج قطُّ ، وإني بخاتم ربِّي .