لمَّا خرج ملك الروم وفعل في بلاد الإسلام ما فعل ، بلغ الخبر المُعتصم فاستعظمه وكَبُر لديه ، وبلغه أنَّ امرأة هاشميَّة صاحت وهي أسيرة في أيدي الروم وامعتصاه ، فأجابها وهو جالس على سريره : لبيك لبيك .
ونهض مِن ساعته وصاح في قصره النفير النفير ، وبلغه أنَّ عمَّوريَّة عَين النصرانيَّة وأشرف عندهم مِن القسطنطنيَّة ؛ لتجهِّزها بما لم يُعهد مِن السلاح وحياض الأدم وغير ذلك ، وفرَّق عساكره ثلاث فِرق ، فخربوا بلاد الروم وقتلوا كثيراً وأحرقوا ووصلوا إلى ((أنقورية)) ثمَّ اجتمعوا في عمَّوريَّة وحاضروها ونصبوا عليها المجانيق ، وكانت في غاية الحصانة ، وقد ذكر الشيخ مُحيي الدين بن العربي في كتابه المسمى : (بالمسامرة) فتح عمَّوريَّة فقال : فتحها المُعتصم في رمضان سنة ثلاث وعشرين ومائتين .
وسبب فتحها أنَّ رجلاً وقف على المُعتصم فقال : يا أمير المؤمنين ، كنت بعمورية وجارية مِن أحسن النساء أسيرة قد لطمها عِلجٌ في وجهها فنادت : وامعتصماه !
فقال العِلج : وما يقدر عليه المُعتصم ؟ يجيء على أبلق ينصرك وزاد في ضربها .
فقال المُعتصم : وفي أيِّ جهةٍ عمَّوريَّة ؟
فقال له الرجل : هكذا وأشار إلى جهتها .
فردَّ المُعتصم وجهه إليه ، وقال : لبيك أيَّتها الجارية ، لبيك هذا المُعتصم بالله قد أجابك ، ثمَّ تجهَّز إليها في اثني عشر ألف فرس أبلق ... فلمَّا حاصرها وطال مقامه عليها جمع المُنجِّمين ، فقالوا : إنَّا نرى أنَّك ما تفتحها إلاَّ في زمان نضج