كانت البيئة في حالة تشبه الفساد إن لم تكنه فهفت نفوس أفرادها إلى الأنبياء و منّت نفسها بالاستجابة لهم و الإيمان بما يدعون إليه من رأي أو عقيدة وَ أَقْسَمُوا بِاللََّهِ جَهْدَ أَيْمََانِهِمْ لَئِنْ جََاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدىََ مِنْ إِحْدَى اَلْأُمَمِ[2] . وَ إِنْ كََانُوا لَيَقُولُونَ*`لَوْ أَنَّ عِنْدَنََا ذِكْراً مِنَ اَلْأَوَّلِينَ*`لَكُنََّا عِبََادَ اَللََّهِ اَلْمُخْلَصِينَ[3] . يََا أَهْلَ اَلْكِتََابِ قَدْ جََاءَكُمْ رَسُولُنََا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلىََ فَتْرَةٍ مِنَ اَلرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مََا جََاءَنََا مِنْ بَشِيرٍ وَ لاََ نَذِيرٍ فَقَدْ جََاءَكُمْ بَشِيرٌ وَ نَذِيرٌ وَ اَللََّهُ عَلىََ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ[4] .
بل لعلها كانت تتطلّع إلى فرد بعينه و شخص بذاته تعقد عليه الآمال و ترجو أن يكون مخلّصها من الشر و منقذها من الضلال قََالُوا يََا صََالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينََا مَرْجُوًّا قَبْلَ هََذََا[5] .
رجت فاستجاب لها ربها و اصطفى واحدا من أبنائها و أرسله ليكون لها هاديا و بشيرا. أرسله فاستجاب له قوم و نفر منه آخرون و حدث ما يحدث في كل دعوة من وجود مؤيّدين و معارضين أو مؤمنين و كافرين فكانت الفرقة و كان الانقسام.
(2) الانقسام
و الانقسام في الجماعة نتيجة حتمية للاختلاف في الآراء و التعصّب لها. و إختلاف الآراء و التعصّب لها أمران يحدثان كلما دعا داع أو همّ بالإصلاح رسول كََانَ اَلنََّاسُ أُمَّةً وََاحِدَةً فَبَعَثَ اَللََّهُ اَلنَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَ مُنْذِرِينَ وَ أَنْزَلَ مَعَهُمُ اَلْكِتََابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ اَلنََّاسِ فِيمَا اِخْتَلَفُوا فِيهِ وَ مَا اِخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ اَلَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مََا جََاءَتْهُمُ اَلْبَيِّنََاتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ فَهَدَى اَللََّهُ