زيارة عاشوراء نظير صلاة جعفر الطيار، و التسبيحات الأربع المعتبرة فيها بعدد ستين و ثلاثمائة تسبيحة على الترتيب المعروف، فإن نقص عدد واحد منها في هذه الصلاة المخصوصة التي لها آثارها الخاصة فكأنه لم يأت المكلف بتلك الصلاة.
و هكذا في زيارة عاشوراء الواردة برواية سيف بن عميرة، و رواية صفوان الجمال، بالكيفيات المعهودة و الآثار المخصوصة، فإن تركت تكبيرة واحدة من تكبيراتها فضلا عن اللعن و السلام كل واحد منهما مائة مرة يكون هذا العمل باطلا، نعم لا يحرم المكلف ثواب مطلق زيارة سيد الشهداء سلام اللّه عليه، بل يحسب من زائريه بلا شك.
و يمكن لنا استفادة مطلب آخر من هذه الأخبار، و هو أنّ الزائر إن كان له شغل أو عذر و لا سيما الشغل الذي هو مستحب مؤكّد عند الشارع المقدس مثل عيادة المؤمن و تشييع جنازته، أو قضاء حوائج إخوانه في الدين و نظائر ذلك فيمكن له أن يكتفي بلعن واحد و سلام واحد، بمعنى أنّ له الشروع باللعن و إتمامه و لو حال المشي في الطريق أو في مجلس آخر؛ فإنّ الأمر إذا دار بين فوات الأجزاء أو الشرائط فمراعاة الإتيان بالأجزاء أولى و أهم.
و الظاهر أنّ شيخ مشايخنا المحقق الأنصاري قدّس سرّه [1] تعرّض لهذا المطلب في فرائده في رسالة أصل البراءة، و يمكن أن نتوسّع في هذا المعنى حتى بالنسبة
[1] -هو الإمام آية اللّه الشيخ مرتضى بن محمد أمين الأنصاري التستري النجفي، المؤسس في أصول الفقه، و إليه انتهت رئاسة الإمامية، و عكف على مصنفاته و آرائه و نظرياته البديعة في أصول الفقه كل من نشأ بعده إلى اليوم، ولد في (1214) هـ، و توفي سنة (1281) هـ.