لها: إنه ساقط في حال الضرورة، و ليس بواجب في تلك الحالة الصعبة.
و قد فسّر الحديث بهذا المعنى الشارح الزرقاني [1] ، و هو من كبار علماء أهل السنة في شرحه الكبير على كتاب الموطأ صفحة 5 ج 2، و قال: و المعنى أن الغسل ليس بواجب عليك؛ لأنك معذورة بسبب الصوم و البرد، و بسط القول في اختلاف علماء أهل السنة في هذه المسألة، فنقل عن مالك صاحب المذهب و جمع آخر من علماء الشافعية و غيرهم القول بالوجوب، و دليلهم على ذلك هي رواية أبي هريرة: أنّ النبي صلّى اللّه عليه و آله قال: من غسل ميتا فليغتسل، و الأمر ظاهر في الوجوب.
و على أي حال، إنّ مسألة وجوب الغسل على الغاسل إما هي نفس مسألة المسّ أو نظيرها، و ذلك كاف لرفع الاستبعاد؛ و لذا ذكر العلامة أعلى اللّه مقامه هذه المسألة-أعني مسألة الغسل على الغاسل-في مسألة الغسل.
ثمّ إنّ في أغلب تلك الكتب التي أوعزنا إليها نقل القول بالاستحباب عن أبي حنيفة و غيره، و نقل القول بالوجوب عن آخرين.
إذا فعليه يمكن أن يقال: إنّ القول بوجوب غسل المس في الجملة فضلا عن القول بالاستحباب موجود عندهم، و الأحاديث الدالة على الوجوب موجودة في الكتب المعتبرة لديهم، و وردت أحاديث في ذلك من طرقهم، و ليس فرق كبير بين تغسيل الميت و بين مسّه.
و قد اتّفق لي نظير هذا السؤال من بعض المعاصرين من علماء أهل السنة
[1] -أبو عبد اللّه محمد بن عبد الباقي بن يوسف المصري المالكي الزرقاني، توفي سنة 1122 هـ، له شرح الموطأ، و غيره من المؤلفات.