responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفردوس الأعلى المؤلف : كاشف الغطاء، الشيخ محمد حسين    الجزء : 1  صفحة : 285

و قد عرفت في ما مرّ عليك من المباحث أن الشي‌ء لا يقبل ضده، و الموجود لا يصير معدوما، و المعدوم لا يصير موجودا، و انقلاب الحقائق مستحيل.

ثمّ إنّ هذا البدن المحسوس العنصري لا ريب في أنه يتحصل من الغذاء، و أن أجزاءه تتحلل و تتبدل، فهذا الهيكل الجسماني بقوة الحرارة الغريزية التي فيه المحركة للقوى الحيوانية العاملة في بنائه و حفظه و تخريبه و تجديده كالجاذبة و الهاضمة و الدافعة و الماسكة و غيرها، لا يزال في هدم و بناء، و إتلاف و تعويض، كما قال شاعرنا الحكيم في بيته المشهور:

(و المتلف الشي‌ء غارمه) # و قاعدة: (المتلف ضامن)

و في بيان أوضح: أن علماء الفيزيولوجيا (علم أعضاء الحيوان) قد ثبت عندهم تحقيقا أن كل حركة تصدر من الإنسان، بل و من الحيوان يلزمها، يعني تستوجب احتراق جزء من المادة العضلية، و الخلايا الجسمية، و كل فعل إرادي أو عمل فكري لا بد و أن يحصل منه فناء في الأعصاب و إتلاف من خلايا الدماغ، بحيث لا يمكن لذرة واحدة من المادة أن تصلح مرتين للحياة، و مهما يبدو من الإنسان، بل مطلق الحيوان، عمل عضلي أو فكري فالجزء من المادة الحية التي صرفت لصدور هذا العمل تتلاشى تماما، ثمّ تأتي مادة جديدة تأخذ محل التالفة، و تقوم مقامها في صدور ذلك العمل مرة ثانية، و حفظ ذلك الهيكل من الانهيار و الدمار، و هكذا كلما ذهب جزء خلفه آخر-خلع و لبس-كما قال عز شأنه: أَ فَعَيِينََا بِالْخَلْقِ اَلْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ [1] ، و يكون


[1] -سورة ق، الآية 15.

اسم الکتاب : الفردوس الأعلى المؤلف : كاشف الغطاء، الشيخ محمد حسين    الجزء : 1  صفحة : 285
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست