responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفردوس الأعلى المؤلف : كاشف الغطاء، الشيخ محمد حسين    الجزء : 1  صفحة : 286

قدر هذا الاتلاف بمقدار قوة الظهورات الحيوية و الأعمال البدنية، فكلما اشتد ظهور الحياة و تكثرت مزاولة الأعمال الخارجية ازداد تلف المادة و تعويضها و تجديدها، و من هنا تجد أرباب الأعمال اليدوية كالبنائين و الفلاحين و أضرابهم أقوى أجساما، و أعظم أبدانا، بخلاف ذوي الأعمال الفكرية الذين تقل حركاتهم و تسكن عضلاتهم.

ثمّ إنّ هذا التلف الدائم لا يزال يعتوره التعويض المتصل من المادة الحديثة الداخلة في الدم المتكونة من ثلاث دعائم، هي دعائم الحياة، و أسسها الجوهرية: الهواء، و الماء، و الغذاء، و لو فقد الإنسان واحدا منها-و لو بمدة قصيرة-هلك، و فقدت حياته.

و هذا العمل التجديدي عمل باطني سري، لا يظهر في الخارج إلاّ بعد دقة في الفكر، و تعمق في النظر، و لكن عوامل الاتلاف ظاهرة للعيان، يقال عنها إنها ظواهر الحياة، و ما هي في الحقيقة إلاّ عوامل الموت؛ لأنّها لا تتم إلاّ بإتلاف أجزاء من أنسجتنا البدنية و أليافنا العضوية، فنحن في كل ساعة نموت و نحيى، و نقبر و ننشر، حتى تأتينا الموتة الكبرى، و نحيى الحياة الأخرى.

إذا فنحن-بناء على ما ذكر-في وسط تنازع هذين العاملين: عامل الاتلاف، و عامل التعويض، يفنى جسمنا، و يتجدد في مدار الحياة عدة مرات، بمعنى أن جسمنا الذي نعيش به من بدء ولادتنا إلى منتهى أجلنا في هذه الحياة تفنى جميع أجزائه في كل برهة و تتحصل أجزاء يتقوم بها هذا الهيكل ليس فيها جزء من الأجزاء السابقة، و لا يمكن تقدير هذه البرهة على التحقيق، يعني أي مقدار به تتلاشى تلك الأجزاء جميعا و تتجدد غيرها بموضعها.

اسم الکتاب : الفردوس الأعلى المؤلف : كاشف الغطاء، الشيخ محمد حسين    الجزء : 1  صفحة : 286
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست