responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفردوس الأعلى المؤلف : كاشف الغطاء، الشيخ محمد حسين    الجزء : 1  صفحة : 284

يشهد العيان و الوجدان-و هما فوق كل دليل و برهان، و إليهما منتهى أكثر الأدلة-أنّ هذا البدن المحسوس الحي المتحرك بالإرادة لا يزال يلبس صورة و يخلعها و تفاض عليه أخرى، و هكذا لا تزال تعتور عليه الصور منذ كان نطفة، فعلقة، فعظاما، فجنينا، فمولودا، فرضيعا، فغلاما، فشابا، فكهلا، فشيخا، فميتا، فترابا، تكونت النطفة من تراب، ثمّ عادت إلى التراب، فهو لا يزال بعد أن أنشأه باريه من أمشاج ليبتليه، فجعله سميعا بصيرا، إما شاكرا أو كفورا، في خلع و لبس‌ أَ فَعَيِينََا بِالْخَلْقِ اَلْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ ، يخلع صورة و يلبس أخرى، و ينتقل من حال إلى حال، و من شكل إلى آخر، مريضا تارة و صحيحا و هزيلا و سمينا، و أبيضا و أسمرا، و هكذا تعتوره الحالات المختلفة، و الأطوار المتباينة، و في كل ذلك هو هو لم تتغير ذاته و إن تبدلت أحواله و صفاته، فهو يوم كان رضيعا هو يوم صار شيخا هرما، لم تتبدل هويته و لم تتغير شخصيته، بل هناك أصل محفوظ يحمل كل تلك الأطوار و الصور، و ليس عروضها عليه و زوالها عنه من باب الانقلاب، فإن انقلاب الحقائق مستحيل، فصورة المنوية لم تنقلب دموية أو علقية، و لكن زالت صورة المني و تبدلت بصورة الدم، و هكذا، فالصور متعاقبة متبادلة لا متعاقبة منقلبة «إذ صورة لصورة لا تنقلب» .

و هذه الصور كلها متعاقبة في الزمان لضيق وعائه، مجتمعة في وعاء الدهر لسعته، و المتفرقات في وعاء الزمان مجتمعات في وعاء الدهر، و لا بد من محل حامل و قابل لتلك الصور المتعاقبة، ما شئت فسمه مادة أو هيولى أو الأجزاء الأصلية كما في الخبر الآتي إن شاء اللّه، و كما أنّ المادة ثابتة لا تزول فكذلك الصور كلها ثابتة في محلها في كتاب لا يضل ربي و لا ينسى، و لا يغادر صغيرة و لا كبيرة إلاّ أحصاها.

اسم الکتاب : الفردوس الأعلى المؤلف : كاشف الغطاء، الشيخ محمد حسين    الجزء : 1  صفحة : 284
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست