اسم الکتاب : العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين المؤلف : الفاسي، محمد بن أحمد الجزء : 1 صفحة : 313
الباب السادس و الثلاثون فى ذكر شىء من فتح مكة المشرفة، و فوائد تتعلق بذلك [1]
كان سبب فتح مكة أن بنى بكر بن عبد مناة بن كنانة، عدت على خزاعة، و هم على ماء لهم بأسفل مكة، يقال له: الوتير، فأصابوا منهم رجلا و تحاوروا و اقتتلوا، و رفدت قريش بنى بكر بالسلاح و قاتل معهم من قريش من قاتل بالليل مستخفيا حتى حازوا خزاعة إلى الحرم.
ثم خرج ناس من خزاعة إلى النبى (صلى اللّه عليه و سلم) يستنصرونه؛ لأن خزاعة فى صلح الحديبية:
دخلت فى عقد رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلم)، و دخلت بنو بكر فى عقد قريش، فوعد النبى (صلى اللّه عليه و سلم) الخزاعيين بالنصر.
و قدم المدينة أبو سفيان بن حرب ليشد العقد، و يزيد فى المدة، فلم ينل قصدا، و رجع إلى مكة، و أمر رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلم) أهله أن يجهزوه ثم أعلم الناس أنه سائر إلى مكة و أمرهم بالجد و التأهب، و قال: اللهم خذ العيون و الأخبار عن قريش حتى نبغتها فى بلادها، فتحفز الناس.
و لما أجمع رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلم) المسير إلى مكة، كتب حاطب بن أبى بلتعة كتابا إلى قريش:
يخبرهم بالذى أجمع عليه رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلم) من الأمر فى المسير إليهم، ثم أعطاه امرأة، قيل:
إنها مزينة، و قيل: إنها سارة- مولاة لبعض بنى عبد المطلب- و أعلم اللّه بذلك رسوله (صلى اللّه عليه و سلم)، فبعث على بن أبى طالب، و الزبير بن العوام لإحضار الكتاب فأتيا به.
ثم مضى رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلم) لسفره، و خرج لعشر مضين من شهر رمضان فصام و صام الناس حتى إذا كان بالكديد بين عسفان و أمج أفطر، ثم مضى حتى نزل مر الظهران فى عشرة آلاف من المسلمين، و قريش لا تعلم بذلك.
ثم إن أبا سفيان بن حرب حضر عند رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلم) بمر الظهران فأسلم. و كان خرج يتحسس الأخبار عن رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلم).
و أمن النبى (صلى اللّه عليه و سلم) من دخل دار أبى سفيان، و من أغلق عليه بابه، و من دخل المسجد.