اسم الکتاب : العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين المؤلف : الفاسي، محمد بن أحمد الجزء : 1 صفحة : 127
لقراءة الكتب السلطانية، فبينما هم فى القراءة إذ قيل لهم «قد نزل السلطان بالميدان»، فبادروا إلى لقائه، فإذا به وحده و قد أعطى لبعض دلالى سوق الخيل لينادى عليه و هو لا يعرف أنه السلطان، فعند ما شاهدوه قبّل النائب الأرض، و تلاه الأمراء.
و حضر الأمير آق سنقر الفارقانى و من معه من عسكر مصر، فأكل السلطان شيئا، و قام ليستريح، و انصرف الناس.
فركب فى نفر يسير، و توجه خفية يريد حلب، فلما حضر الأمراء خدمة العصر لم يجد السلطان و لا عرف له خبر، فبينما نائب حلب و الأمراء فى الموكب تحت قلعة حلب و إذا بالسلطان قد ساق و وقف ساعة فلم يعرفه أحد، حتى فطن به بعضهم، فنزل عن فرسه و قبّل له الأرض، فبادر الجميع و نزلوا و قبّلوا الأرض، و ساروا فى ركابه حتى دخل دار نائب حلب، ثم كشف القلعة، و خرج من حلب و لم يعرف أحد به، فدخل دمشق فى ثالث عشره على حين غفلة، و لعب بالكرة، و سار ليلا إلى القدس، و سار إلى الخليل، و تصدّق بعدة صدقات.
و كان الأمير آق سنقر قد سار بمن معه من عساكر مصر و نزل تل العجول، فوافاه السلطان هناك- و عليه عباءته التى حجّ بها لم يغيرها و سار من تل العجول بالعسكر فى حادى عشرينه.
و قدم القاهرة أول صفر، و عليه عباءته التى حجّ بها لم يغيرها نحو خمسة و سبعين يوما، فخرج الملك السعيد إلى لقائه، و صعد قلعة الجبل.
*** السلطان الملك الناصر ناصر الدين أبو المعالى محمد بن الملك المنصور سيف الدين قلاوون الألفى الصالحى النجمى [1]
ولد يوم السبت نصف المحرم سنة أربع و ثمانين و ستمائة، و أقيم فى السلطنة بعد قتل أخيه الأشرف صلاح الدين بن قلاوون [2] فى رابع عشر المحرم سنة ثلاث و تسعين، و عمره تسع سنين تنقص يوما واحدا، و أقام سنة إلا ثلاثة أيام، خلع بمملوك أبيه