responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين المؤلف : الفاسي، محمد بن أحمد    الجزء : 1  صفحة : 126

و تباين أجناسهم، و ما منهم إلا من يرمى إليه إحرامه فيغسله بيده و يناوله صاحبه، و جلس على باب الكعبة، و أخذ بأيدى الناس ليطلعهم إليها، فتعلق بعض العامة بإحرامه ليطلع فقطعه، و كاد يرمى السلطان عن العتبة إلى الأرض، و هو مستبشر بجميع ذلك و علّق كسوة الكعبة بيده- و معه خواصه- و تردّد إلى من بمكة و المدينة من أهل الخير يلتمس بركتهم، و يسأل دعاءهم، هذا و قاضى القضاة صدر الدين سليمان بن عبد الحق الحنفى معه طول طريقه يستفتيه، و يتفهم منه أمور دينه، و لم يغفل مع ذلك عن تدبير الممالك، و كتّاب الإنشاء تكتب عنه فى المهمات.

و كتب إلى صاحب اليمن ينكر عليه أمورا و يقول: «سطرتها من مكة المشرفة و قد أخذت طريقها فى سبع عشرة خطوة»- يعنى بالخطوة المنزلة- و يقول: «الملك هو الذى يجاهد فى اللّه حق جهاده، و يبذل نفسه فى الذبّ عن حوزة الدين، فإن كنت ملكا فاخرج و الق التتر».

و أحسن إلى أميرى مكة، و إلى أمير ينبع، و أمير خليص، و أكابر الحجاز. و كتب منشورين لأميرى مكة، و رتب معهما الأمير شمس الدين مروان نائب أمير جاندار بمكة حسب سؤالهما، ليكون مرجع الأمور إليه، و الحل و العقد على يديه، و زاد أميرى مكة مالا و غلالا فى كل سنة لأجل تسبيل الكعبة للناس.

و سار من مكة بعد قضاء النسك فى ثالث عشره، و قدم المدينة النبوية ثانيا فى عشرينه، فبات بها، و سار من غده، فجدّ فى السير و معه عدة يسيرة، فقدم الكرك بكرة يوم الخميس سلخه من غير أن يعلم أحد بوصوله حتى نزل مشهد جعفر الطيار رضى اللّه عنه بقرية مؤتة، فتلقاه الناس بها، و دخل المدينة و عليه عباءته التى سار بها، و هو راكب راحلته، فبات بها.

و رحل من الغد بعد ما صلى الجمعة، مستهل المحرم سنة ثمان و ستين و ستمائة، و معه مائة فارس، بيد كل فارس منهم فرس و ساق إلى دمشق سائر من ببلاد مصر و الشام من الأمراء و من دونهم لا يعرفون شيئا من خبر السلطان، هل هو فى الشام أو الحجاز أو غير ذلك من بلاد اللّه و لا يجسر أحد من شدة مهابته و الخوف منه أن يتكلم بشى‌ء من خبره، و لا يسأل عنه.

فلما قارب دمشق بعث أحد خاصته على البريد بكتب البشارة إلى دمشق بالسلامة بعد قضاء الحج، فلما دخل الأمير جمال الدين التجيبى- نائب دمشق- جمع الأمراء

اسم الکتاب : العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين المؤلف : الفاسي، محمد بن أحمد    الجزء : 1  صفحة : 126
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست