و قوله تعالى: «إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ* فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ* لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ»[1] و قوله تعالى: «إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى* عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى* ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوى* وَ هُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلى* ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى* فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى* فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى* ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى»[2] إلى آخره، فأشار إلى كيفية الوحي و نزول الكتاب بوجه موافق للبرهان، غير مناف لتنزيهه تعالى عن شوب التغيّر، و وصمة الحدوث. و لعمري إنّ الأسرار المودعة في هذا الكلام الإلهي المشير إلى كيفية الوحي، و دنوّ روحانيّة رسول اللَّه (صلى الله عليه و آله و سلم) إلى مقام «التدلّي»، و المقام المعبّر عنه ب «قاب قوسين»، و ما يشار إليه بقوله «أَوْ أَدْنى»[3]، ثمّ تحقّق الوحي ممّا لم يصل إليه فكر البشر إلّا الأوحدي الراسخ في العلم بقوّة البرهان المشفوع إلى الرياضات و نور الإيمان. و المقصود: دفع توهّم كونه تعالى متكلّماً بإيجاد الكلام المتصرّم في شجرة أو غيرها، أو بقيام التكلّم به قياماً صدورياً،