اسم الکتاب : الرياض النضرة في مناقب العشرة المؤلف : الطبري، محب الدين الجزء : 1 صفحة : 198
يأكل من خراجه، فجاء يوما بشيء فأكل منه أبو بكر فقال له الغلام:
تدري ما هذا؟ فقال أبو بكر ما هو؟ قال كنت تكهنت لإنسان في الجاهلية و ما أحسن الكهانة إلا أني خدعته فلقيني فأعطاني فهذا الذي أكلت منه فأدخل أبو بكر يده فقاء كل شيء في بطنه- أخرجه البخاري.
و عن زيد بن أرقم قال كان لأبي بكر غلام يغل عليه، فأتاه ليلة بطعام فتناول منه لقمة فقال له المملوك مالك كنت تسألني كل ليلة و لم تسألني الليلة فقال حملني على ذلك الجوع من أين جئت بهذا قال مررت بقوم في الجاهلية فرقيت لهم فوعدوني، فلما أن جاء اليوم مررت بهم فإذا عرس لهم فأعطوني فقال أف لك و كدت تهلكني فأدخل يده في حلقه و جعل يتقيأ و جعلت لا تخرج فقيل له إن هذه لا تخرج إلا بالماء فدعا بعس ماء فجعل يشرب و يتقيأ حتى رمى بها فقيل له يرحمك اللّه كل هذا من أجل هذه اللقمة؟ فقال لو لم تخرج إلا مع نفسي لأخرجتها سمعت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) يقول: (كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به فخشيت أن ينبت شيء من جسدي من هذه اللقمة). خرجه في الصفوة و الملاء في سيرته.
(شرح)- يغل عليه- أي يأتيه بغلته و فلان يغل على فلان و أغل القوم إذا بلغت غلتهم- و العس- القدح العظيم.
و قدم تقدم ذكره في شرح قوله (صلّى اللّه عليه و سلّم) و السحت الحرام و الكهانة الأخبار عن المغيبات في مستقبل الزمان. و قد كان في العرب كهنة كشن و سطيح و غيرهم، فمنهم من كان له تابع من الجن و رئي يلقى إليه الأخبار، و منهم من يعرف الأمور بمقدماتها و أسبابها يستدل بها على مواقعها من كلام من يسأله أو فعله أو حاله، و هذا يخصونه باسم العراف لأنه يدعي معرفة المسروق و اسم السارق و مكان السرقة، و منهم من مستنده في ذلك حساب و خط في رمل و غير ذلك. و ما أحسن الكهانة! فيه إشعار بأنه لو كان
اسم الکتاب : الرياض النضرة في مناقب العشرة المؤلف : الطبري، محب الدين الجزء : 1 صفحة : 198