أقول: إن كان مراد صاحب المعالم: أنّه يعتبر في اعتصام الماء زيادة على كون الماء الواحد كرّا تساوي سطوحه، و اجتماعه في محلّ واحد، فلا ريب أنّه خلاف ظاهر الأدلّة، فإنّها ظاهرة في إناطة الاعتصام بنفس الكرّيّة.
و الحاصل: أنّ الهيئة، و كيفيّات الأوضاع لا ربط لها باعتصام الماء، و إن كان المقصود أنّ مع انتفاء التساوي و الاجتماع تنتفي الوحدة، و لا يوصف الماء بالكريّة، فهو- أيضا- غير مطرد، إذ كثيرا ما يتّصف الماء بالوحدة، مع أنّه ماء منحدر.
و لذلك، ألزم صاحب المدارك [1] على القائلين بعدم تقوّي الأعلى بالأسفل بنهر عظيم جار في أرض منحدرة، فإنّ مقتضى ذلك تنجّس الأعلى بنفس النجاسة، و تنجّس الجزء الثاني من محلّ الملاقاة بملاقاته، و هكذا ..؛ إلّا أن ينهى إلى آخر الماء، فلو لا وضوح الوحدة و التقوّي لم يكن لهذا الإلزام موقع.
و ممّا يشهد على أنّ المناط هو الوحدة، و معه لا إشكال في التقوّي، و أنّه ليس للهيئة دخل، أنّه نسب الوحيد البهبهاني [2] إلى الأصحاب عدم الإشكال في الماء الجاري على الأرض المنحدرة، لأنّه واحد عرفا.
و ردّ بذلك على صاحب المدارك [3]، الذي ألزم القائلين بعدم تقوّي الأعلى بالأسفل، و بأنّه مثل ذلك خارج عن محلّ كلامهم، و أنّه ليس لهم كلام ظاهر في شموله لذلك.
و العجب من بعض [4] من التزم بما أورده صاحب المدارك، و قال: إنّ كلّ جزء من أجزاء ذلك الماء لوصول ذلك الجزء الملاقي للنجس اليه ينجس، و أمّا الاتّصال به فلا يؤثّر، لأنّ هذا الاتّصال في حكم العدم.