و لذلك قلنا: بعدم تقوّي الأعلى بالأسفل- إذا عرفت ما ذكرنا- فاعلم، أنّ الماء المتّصل بعضه ببعض: إمّا أن تتّحد سطوح أبعاضه و تتساوى و تعتدل، أو لا، و على تقدير الاختلاف، إمّا أن يكون الاختلاف على وجه التسنيم، و إمّا على وجه الانحدار، و الماء على جميع هذه التقادير: إمّا متحرّك أو ساكن.
فنقول: أمّا إذا كان الماء ساكنا أبعاضه، غير جار فلا إشكال في أنّ اعتصامه لا يتوقّف على غير كرّيّة مجموعه، و أنّه يكون في نفسه ماء واحدا، عقلا و عرفا، و أنّه لا يوجب اختلاف السطح بأيّ نحو وقع تعدّد الماء عرفا، بحيث تختلف أبعاضه في الحكم، و لا يتقوّى بعض بمثله. و اعتبار الاجتماع في محلّ واحد فيه، و عدم انبساطه في جدول قليل العرض، كثير الطول- مثلا- لا دليل عليه بعد صدق الوحدة و الكرّيّة.
و الظاهر، أنّ خلاف صاحب المعالم [1] ليس في هذا المقام، و عبارته و إن أوهمت اعتبار الاجتماع، و لكن يحتمل أن يكون في قبال التفريق بالجريان، الموجب لتعدّد أبعاض الماء، أو الشكّ في الوحدة دون مثل الماء الساكن، الذي لا يوجب الهيئة فيه اختلاف أبعاضه في الحكم و تعدّدها عرفا.
و أما إذا كان جاريا- فقد عرفت- أنّ له صورا ثلاثا:
الاولى: أن تكون أبعاضه متساوية في السطح، و المراد بمتساوي السطح: إمّا كون سطح الماء بحيث إذا فرض عليه خطّ مستقيم لم يخرج شيء من ذلك الخطّ عن ذلك السطح.
و إمّا أن يكون المراد: هو الاعتدال العرفي، فيكون مثل العمود القائم تكون أبعاضه متساوية السطح، و كذلك الماء البسيط على وجه الأرض، فالغديرين المتواصلين بساقية معتدل سطحها، و يخرج منه مثل النهر الجاري على أرض منحدرة، فإنّ الماء فيه و إن تساوى سطحه بالمعنى المتقدّم لكن لا يقال له عرفا: إنّ سطحه معتدل، بل