اسم الکتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى المؤلف : الغروي، الشيخ علي الجزء : 1 صفحة : 254
..........
المعاصي و لو في الباطن.
و كذلك الحال في الإسلام، و عدم ظهور الفسق، فان هذا العنوان بنفسه يدلنا على أن الفسق أمر واقعي قد يظهر و قد لا يظهر، فمع أن المكلف فاسق في الواقع لارتكابه المعصية في الباطن كيف يمكن أن يكون عادلا من جهة عدم ظهور الفسق منه؟! إذا هما طريقان و معرفان للعدالة، لا أنهما العدالة نفسها، و يأتي الكلام على معرف العدالة و طريق استكشافها قريبا ان شاء اللّٰه. و على الجملة القولان الأخيران ساقطان، و معه لا بد من التكلم في أن العدالة هي الاعمال الخارجية من دون اعتبار صدورها عن الملكة النفسانية، أو أنه يعتبر في العدالة أن تكون الاعمال صادرة عن الملكة؟
فنقول: لم تثبت للعدالة حقيقة شرعية، و لا متشرعية، و انما هي بمعناها اللغوي أعني الاستقامة و عدم الجور و الانحراف و هي قد تستند إلى الأمور المحسوسة فيقال هذا الجدار عدل أو مستقيم، أو أن العصا مستقيم، فتكون العدالة و الاستقامة من الأمور المحسوسة. و قد تسند إلى الأمور غير المحسوسة فيراد منها الاستقامة المعنوية و ذلك كالعقيدة و الفهم، و الأخلاق فيقال: عقيدة فلان مستقيمة اي غير مشوشة أو أن فهمه مستقيم في قبال اعوجاجه، أو أخلاقه مستقيم اي لا إفراط فيه و لا تفريط. و قد تسند إلى الذوات فيقال زيد عادل و معناه أنه مستقيم في الخروج عن عهدة التكاليف المتوجهة اليه، و حيث أن الشارع يراه مستقيما في جادة الشرع فهو عادل شرعا و غير منحرف عن جادته.
فالعدالة المطلقة- و هي المنسوبة إلى الذوات- هي الاستقامة العملية كما يقتضيه معناها اللغوي، مع قطع النظر عن الروايات و المتحصل أن العدالة ليست لها حقيقة شرعية و انما استعملت في الكتاب و الاخبار بمعناها اللغوي أعني الاستقامة و عدم الاعوجاج و الانحراف و غاية الأمر أن موارد استعمالها مختلفة.
اسم الکتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى المؤلف : الغروي، الشيخ علي الجزء : 1 صفحة : 254