و كيف يرتكب التخصيص في قوله (عليه السلام) 1: «كل حديث لا يوافق كتاب اللّه فهو زخرف»، و قوله: «ما أتاكم من حديث لا يوافق كتاب اللّه فهو باطل»، و قوله (عليه السلام): «لا تقبلوا علينا خلاف القرآن، فإنا إن حدثنا حدثنا بموافقة القرآن و موافقة السنة»، و قد صح عن النبي (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) أنه قال:
«ما خالف كتاب اللّه فليس من حديثي، أو لم أقله»، مع أن أكثر عمومات الكتاب قد خصص بقول النبي (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) 2.
و مما يدل على أن المخالفة لتلك العمومات لا يعد مخالفة: ما دل من الأخبار على بيان حكم ما لا يوجد حكمه في الكتاب و السنة النبوية، إذ بناء على تلك العمومات لا يوجد واقعة لا يوجد حكمها فيهما 3.
فمن تلك الأخبار: ما عن البصائر و الاحتجاج و غيرهما مرسلا عن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم)، أنه قال:
«ما وجدتم في كتاب اللّه فالعمل به لازم و لا عذر لكم في تركه، و ما
(1) لا يخفى أن بعض هذه الروايات و إن تضمن بطلان ما لم يوافق الكتاب أو السنة، إلّا أنه يدل على بطلان ما خالف بالأولوية القطعية.
(2) يعني: فلا بد أن تحمل المخالفة في الحديث السابق على المخالفة بنحو التباين لا بنحو العموم و الخصوص و نحوها.
(3) عرفت أنه لا مجال لدعوى نهوض العمومات الكتابية بجميع الفروع الفقهية و انه لا إشكال في قصورها عن بعضها. ثم ان الأخبار المذكورة و إن نهضت ببيان ان بعض الوقائع لا يوجد حكمها في الكتاب و السنة، إلا أنها تدل على عدم كون المخالفة بالعموم و الخصوص مخالفة، كما يظهر بادنى تأمل.
فاستشهاد المصنف (قدّس سرّه) بهذه النصوص في غير محله.