الثالث من طرق انكشاف قول الإمام (عليه السلام) لمدعي الإجماع: الحدس، و هذا على وجهين:
أحدهما: أن يحصل له ذلك من طريق لو علمنا به ما خطأناه في استكشافه 1، و هذا على وجهين: أحدهما: أن يحصل الحدس الضروري من مبادئ محسوسة بحيث يكون الخطأ فيه من قبيل الخطأ في الحس، بحيث لو حصل لنا تلك الأخبار لحصل لنا العلم كما حصل له.
ثانيهما: أن يحصل الحدس له من إخبار جماعة اتفق له العلم بعدم اجتماعهم على الخطأ، لكن ليس إخبارهم ملزوما عادة للمطابقة لقول- العصر، و ذلك لا يلائم قاعدة اللطف.
(1) المنسبق بدوا أن مراده من ذلك هو أنه لو انكشف الطريق لنا لوافقناه فيه، و لحصل لنا العلم منه كما حصل له، و مرجع التقسيم الآتي لهذا الوجه حينئذ إلى أن السبب المذكور المفروض كونه موجبا للعلم لنا و للناقل قد يكون لازما عاديا و ملحقا بالحس لوضوحه و قد يكون سببا اتفاقيا لا ينتقل منه إلى المطلوب كل أحد لعدم وضوح الملازمة بالنحو المذكور.
لكن هذا قد ينافيه قوله في الوجه الثاني من هذا القسم: «بحيث لو حصل لنا لعلمنا بالمطابقة أيضا» بناء على ما هو الظاهر منه من رجوعه إلى المنفي- أعني قوله:
«لكن ليس أخبارهم ...»- لا إلى ما قبله.
و لأجل ذلك لا يبعد حمل قوله هنا: «لو علمنا به ما خطأناه ...». على أن المراد أنه لو انكشف لنا الطريق الذي اعتمد عليه لم نجزم بخطئه. و يكون المراد من التقسيم لهذا الوجه أن ذلك قد يكون مع الجزم بصحته لو اطلعنا عليه، لكونه من اللوازم العادية التي لا تتخلف، و قد لا يكون كذلك، و إن حصل له منه العلم اتفاقا.