و أما مع التمكن من العلم في المسألة، فلأن عدم جواز الاكتفاء فيها بتحصيل الظن و وجوب تحصيل اليقين، مبني على القول بوجوب تحصيل الواقع علما 1، أما إذا ادعي أن العقل لا يحكم بأزيد من وجوب تحصيل الظن، و أن الضرر الموهوم لا يجب دفعه، فلا دليل على لزوم تحصيل العلم مع التمكن.
[الاستدلال على أصالة الحرمة بالآيات الناهية عن العمل بالظن]
ثم إنه ربما يستدل على أصالة حرمة العمل بالظن بالآيات الناهية عن العمل بالظن، و قد أطالوا الكلام في النقض و الإبرام في هذا المقام بما لا ثمرة مهمة في ذكره بعد ما عرفت 2.
- فلا يعقل التردد بينه و بين الظن لما عرفت من استحالة التردد في الأحكام العقلية، بل لا بد إما من الجزم بحجية الأصل دون الظن، أو العكس، و لا تصل النوبة إلى التخيير أو الترجيح.
(1) لا يخفى أنه لا يجب الاقتصار على العلم، و يكفي الرجوع إلى غيره من الحجج الشرعية و العقلية المقتضية للأمان من العقاب و الضرر. و حينئذ إن أريد من حكم العقل بكفاية الظن حكمه بحجيته، فلا إشكال في جواز الرجوع إليه- حينئذ- لعدم الضرر معه.
لكن لا مجال لدعوى ذلك، إلا بناء على ما يأتى من أدلة حجية الظن، و هو خروج عن فرض الكلام و هو الشك في حجيته. و إن أريد حكمه بكفايته مع فرض عدم حجيته و عدم تحقق الأمان من العقاب به و إن كان موهوما فهو من الوهن بمكان عظيم، بل لا يكون النزاع- حينئذ- إلا لفظيا، ضرورة أن مراد القائل بعدم كفاية الظن و وجوب تحصيل العلم ليس إلا عدم الأمان من العقاب بدونه.
(2) يعني: في تقريب مقتضى الأصل المعول عليه في المقام. لكن مقتضى الأصل المتقدم عدم ترتيب الأثر على الظن بملاك كونه مشكوك الحجية، أما الأصل-