حرام مطلقا، وافق الأصول أو خالفها، غاية الأمر أنه إذا خالف الأصول يستحق العقاب من جهتين: من جهة الالتزام و التشريع، و من جهة طرح الأصل المأمور بالعمل به حتى يعلم بخلافه 1.
[الإشارة إلى هاتين الجهتين في الكتاب و السنة]
و قد أشير في الكتاب و السنة إلى الجهتين:
فمما أشير فيه إلى الأولى قوله تعالى: قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَبالتقريب المتقدم 2، و قوله (عليه السلام): «رجل قضى بالحق و هو لا يعلم».
و مما أشير فيه إلى الثانية قوله تعالى: إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً،*و قوله (عليه السلام): «من أفتى الناس بغير علم كان ما يفسده أكثر مما يصلحه» 3، و نفس أدلة الأصول 4.
(1) لكن تقدم منا أن الحرمة ظاهرية، فهي إنما تستتبع العقاب مع مصادفة التكليف الواقعي و مخالفته عملا، دون ما لو لم يلزم ذلك. نعم قد يلزم التجري، فيتبعه حكمه.
(2) تقدم الكلام فيه و في الحديث الآتي.
(3) لا يخلو الاستدلال به للجهة الثانية عن إشكال، إذ يمكن حمل الانسداد على الوقوع في حرمة التشريع.
و أما الآية فلا ظهور فيها إلا في الردع عن التمسك بالظن و الاكتفاء به في الوصول إلى الواقع فهي ناظرة إلى عدم منجزيته و معذريته، لا إلى حرمة مخالفة الأصول، و إنما المتكفل لذلك أدلة الأصول بأنفسها، هذا مع أنها تقضي حجية الظن واقعا.