فإن حرمة العمل يكفي في موضوعها عدم العلم بورود التعبد، من غير حاجة إلى إحراز عدم ورود التعبد به، ليحتاج في ذلك إلى الأصل، ثم إثبات الحرمة 1.
و الحاصل: أن أصالة عدم الحادث إنما يحتاج إليها في الأحكام المترتبة على ذلك الحادث، و أما الحكم المترتب على عدم العلم بذلك الحادث فيكفي فيه الشك فيه، و لا يحتاج إلى إحراز عدمه بحكم الأصل.
و هذا نظير قاعدة الاشتغال الحاكمة بوجوب اليقين بالفراغ، فإنه لا يحتاج في إجرائها إلى إجراء أصالة عدم فراغ الذمة، بل يكفي فيها عدم العلم بالفراغ، فافهم.
و منها: أن الأصل هي إباحة العمل بالظن، لأنها الأصل في الأشياء، حكاه بعض عن السيد المحقق الكاظمي.
(1) و حينئذ لا يكون للتعبد بالاستصحاب أثر عملي، فيكون لاغيا. لكن قد يدعى أن الحرمة مع عدم الحجية واقعا لعدم الموضوع، و مع عدم العلم بالحجية لعدم الشرط، ففائدة الاستصحاب إحراز عدم الموضوع، و هو كاف في رفع لغويته، و إن كان عدم الشرط محرزا. و لذا لا إشكال في جريان استصحاب الإباحة مع عدم ترتب أثر عليه، إلا عدم العقاب الذي هو مترتب مع الشك فيها أيضا، كما يأتي نظيره في مبحث الأقل و الأكثر الارتباطين.
اللهم إلا أن يدعى أن تمام الموضوع بحسب المرتكزات هو القطع بالحجية، و ليس هو من سنخ الشرط، فمع عدمه يحرم العمل بمشكوك الحجية، و لا أثر للحجية الواقعية. و به يفترق عن استصحاب الإباحة، و عما يأتي في مبحث الأقل و الأكثر. و إن كان لا يخلو عن إشكال. فتأمل جيدا.