بتقوى اللّه و الصبر، ثمّ تشهّد الشهادتين و مدّ يديه إلى جانبيه، و قال: «أستودعكم اللّه أهل البيت، عليكم منّي السلام».
ثمّ قال: لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ الْعامِلُونَ[1].
ثمّ قبض (صلوات اللّه عليه)، فكثر البكاء و النحيب في داره و في جميع شوارع الكوفة، و سمع الناس أصوات الملائكة، و كان ذلك اليوم كيوم وفاة رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) و لقد أحسن من قال:
و لا غرو للأشراف إن ظفرت بها* * * كلاب الأعادي من فصيح و أعجم
فحربة وحشيّ سقت حمزة الرّدى* * * و قتل عليّ في حسام ابن ملجم [2]
و لما توفّي أمير المؤمنين (عليه السلام) غسّل و حنّط ببقيّة حنوط رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)، و كفّن و جعل على سريره، و حمل الحسن و الحسين (عليهما السلام) بمؤخّر النّعش، و حملت الملائكة بمقدّمه، و كان (عليه السلام) قد أعلمهم ذلك قبل موته، ثمّ مضوا به إلى الغريّ فدفنوه ليلا، و كان مقبرة للكوفة [3].
و بقي موضع قبره غير معلوم إلى زمان الرشيد، فروي أنّه خرج إلى الصيد، فلمّا وصل إلى ذلك المكان كان يرسل الكلاب، و رأى الوحوش تهرب إلى هذا الموضع فترجع الكلاب عنها، فتعجّب من ذلك، ثمّ أحضر بعض الشيوخ من الأخباريّين [4] الممارسين للتواريخ فسألهم عن هذا المكان و أخبرهم بما كان، فقالوا: قد بلغنا أنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) دفن بهذا المكان [5]، ثمّ اشتهر من ذلك