ثمّ أمر قيس بن سعد [1]، و الحباب بن المنذر [2] بإخراج من تخلّف، فأخرجوهم حتّى لحقوا بأسامة، ثمّ وجّه بعضهم لأسامة الرجوع [3]، و أعلموه بما فهموه من قصد النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله) في إرسالهم، فرجع و رجع من معه إلى المدينة، و كان عليّ و الفضل و العبّاس عند رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) في مرضه لا يفارقونه [4].
و كان بلال يستأذن على رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) وقت كلّ فريضة، و يقول: الصلاة يا رسول اللّه، فإن قدر على الخروج، و إلّا أمر عليا (صلوات اللّه عليه) أن يصلّي بهم [5].
و اشتدّ مرض رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) حتّى صار يغشى ساعة و يفيق أخرى، فدخلت عليه أمّ سلمة، فقالت له: بأبي أنت و أمّي، أراك مغيّرا، فقال:
«نعيت إليّ نفسي، فسلام لك منّي، فلا تسمعين بعد اليوم صوت محمّد أبدا» فقالت أمّ سلمة: وا حزناه، حزنا لا تدركه النّدامة عليك، يا محمّد.
ثمّ استدعى فاطمة (سلام اللّه عليها)، فلمّا رأته قبّلت رأسه، و أخذته في حجرها، فقالت: نفسي لنفسك الفداء، وا كرباه لكربك يا أبتاه، ففتح (صلّى اللّه عليه و آله) عينيه، و قال: «لا كرب على أبيك بعد اليوم» [6] ثمّ أغمي عليه و رأسه في حجر عليّ بن
[1] هو قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري، صحابي، و عدّ من المنكرين على أبي بكر و ممّن شهد بسماع حديث «من كنت مولاه فعلي مولاه» ولّاه أمير المؤمنين مصر، و حارب معه و مع الحسن (عليهما السلام).
أنظر ترجمته في طبقات ابن سعد 6: 52، أسد الغابة 4: 215، أعيان الشيعة 8: 452.
[2] هو الحباب بن المنذر بن الجموح الأنصاري، و كان يقال له: ذو الرأي، و هو القائل يوم السقيفة: «منّا أمير و منكم أمير». توفّي في خلافة عمر. أنظر ترجمته في أسد الغابة 1: 364، الإصابة 1: 316.