اسم الکتاب : البيان المفيد في شرح الحلقة الثالثة المؤلف : المنصوري، الشيخ أياد الجزء : 1 صفحة : 68
ضرورة لذلك، مدّعياً عدم الدليل على تلك الضرورة، و هذا يكفي لنفيها كما هو واضح، و لكن يدعي البعض [1] وجود الدليل على نفي القول الأول لا مجرد عدم الدليل عليه، و هو عبارة عن استحالة وجود موضوع لبعض العلوم، و مثّل لذلك بمسائل علم الفقه قائلًا: إنّ مسائله لا يجمع بينها جامع، بل لا يمكن أن يجمعها جامع؛ لأن موضوعات مسائله من مقولات متباينة و متناثرة أحياناً، فيبحث عن الأمر العدمي تارة كالصوم مثلًا؛ فإنه عبارة عن ترك الأكل و الشرب و غيرهما من الأمور المذكورة في محلّها، و أخرى يكون موضوع مسائله أمراً وجودياً كالصلاة، و لا يوجد جامع بين الوجود و العدم كما هو واضح.
ثم إن بعض مسائله من مقولات ماهوية متباينة بتمام الذات، فبعضها من مقولة الجوهر، و بعضها من مقولة الكيف كالقراءة مثلًا، و من المعلوم أن بين المقولات تمام التباين، و لا يمكن دخول أحدها تحت الأخرى؛ لأنها أجناس عالية لا تنطوي تحت جنس، و ما دامت كذلك فهي متباينة بتمام الذات، و إلّا أمكن أن يكون بعضها جنساً للبعض الآخر، و هذا خلاف كونها أجناس عالية لا جنس فوقها، و إذا كان كذلك فلا يعقل وجود جامع ذاتي بينها، فلا يمكن أن يكون هناك جامعٌ لمسائل علم الفقه، و هذا أكبر دليل على نفي ضرورة أن يكون لكلّ علم موضوع. هذا تمام الكلام في
المقام الأول.
و على كل تقدير، فسواء أقلنا بالقول الأول- و هو ضرورة أن يكون لكلّ علم موضوع- أم أنكرنا ذلك، فأنه لا بدّ من البحث في المقام الثاني، و هل هناك موضوع لعلم الأصول يكون جامعاً بين موضوعات مسائله أم لا؟
[1] كالمحقّق العراقي، كما جاء عنه في نهاية الأفكار: ج 1، ص 9 حيث قال: «كيف و أن غالب العلوم لا يكون فيها جامع صوري بل و لا معنوي بين موضوعات مسائلها كما في كثير من مسائل الفقه، لمكان كون النسبة بين بعضها و البعض الآخر من قبيل الوجود و العدم كما في الصلاة بالقياس إلى الصوم».
و قد تبعه على ذلك السيّد الخوئي حسب ما جاء عنه في دراسات في علم الأصول: ج 1، ص 11 حيث قال: «إنّا نرى بالوجدان استحالة تصوير الجامع بين موضوعات مسائل كثير من العلوم، فمثلًا في علم الفقه، ربّما يبحث عن الأمر العدمي، و أخرى عن الأمر الوجودي، و عن الجواهر تارة ... الخ».
اسم الکتاب : البيان المفيد في شرح الحلقة الثالثة المؤلف : المنصوري، الشيخ أياد الجزء : 1 صفحة : 68