اسم الکتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة المؤلف : الشيخ أسد حيدر الجزء : 1 صفحة : 368
شفاههم، و وافوا المندب فأقاموا بها شهرا، و جمع الناس لهم شيئا ثم خرجوا يريدون مكة في زي الحمالين [1]. و لما سبيت نساء مروان و مررن على منازله رفعن أصواتهن بالبكاء. و هذا من أعظم العظات و العبر.
و يروى أن عامر بن صالح الخراساني صاحب مقدمة صالح بن علي عم السفاح لما قتل مروان الجعدي آخر ملوك بني أمية دخل دار مروان و جلس على سريره و دعا بعشائه، و جعل رأس مروان في حجر ابنته، و أقبل يوبخها فقالت له: يا عامر إن دهرا أنزل مروان و أقعدك على سريره حتى تعشيت عشاءه، لقد أبلغ في موعظتك، و عمل في إيقاظك و تنبيهك. إن عقلت و فكرت، ثم قالت: يا أبتاه و يا أمير المؤمنيناه، فأخذ عامر الرعب، و لما بلغ السفاح ذلك كتب إليه يوبخه [2].
و كان عبيد اللّه بن مروان ولي العهد قد ظفر به المنصور و أودع في السجن، و أخرجه المنصور يوما من سجنه و كان مقيدا بقيد ثقيل، فقال له المنصور: بلغني أن لك قصة عجيبة مع ملك النوبة فما هي؟ فقال: يا أمير المؤمنين و الذي أكرمك بالخلافة ما أقدر على النفس من ثقل الحديد، و لقد صدأ قيدي من رشاش البول، و أصب عليه الماء في أوقات الصلاة، ثم قص عليه القصة و أعاده إلى السجن، و أودع فيه إلى أيام الرشيد فهلك [3].
و لما دخل عبد اللّه بن علي دمشق أمر بنبش قبور بني أمية، فنبش قبر معاوية بن أبي سفيان فلم يجدوا فيه إلا خيطا مثل الرماد، و نبش قبر عبد الملك بن مروان فوجدوا فيه جمجمة، و نبش قبر يزيد بن معاوية فوجدوا فيه حطاما كأنه الرماد، و أخرج جسد هشام بن عبد الملك فضربه بالسياط و صلبه و حرقه و ذراه في الهواء [4].
و قتل سليمان بن علي بالبصرة جماعة من بني أمية و أمر بهم فجروا بأرجلهم و ألقوا في الطريق فأكلتهم الكلاب، و اختفى كثير منهم كعمر بن معاوية بن عمر بن سفيان بن عتبة فضاقت عليه الأرض، و التجأ إلى سليمان بن علي متخفيا، و وقف
[1] اليعقوبي ج 3 ص 84- 85 و ابن عبد ربه ج 3 ص 198- 199.