اسم الکتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة المؤلف : الشيخ أسد حيدر الجزء : 1 صفحة : 369
على رأسه، فقال: لفظتني البلاد إليك، و دلني فضلك عليك. فإما قتلتني فاسترحت، و إما رددتني سالما فأمنت. فقال: و من أنت؟ فعرفه نفسه. فقال: مرحبا بك ما حاجتك؟ فقال: إن الحرم اللواتي أنت أولى الناس بهن و أقربهم إليهن قد خفن لخوفنا، و من أخاف خيف عليه، فقال: حقن اللّه دمك و وفر مالك، و كتب بذلك إلى السفاح فأمنه [1].
قيام الدولة العباسية:
و طويت صفحة الدولة الأموية بقتل مروان الجعدي [2]، و هو مروان بن محمد بن مروان بن الحكم، بويع له بالخلافة سنة 126 ه- و قتل يوم الإثنين لثلاث عشرة خلت من ذي الحجة سنة 132 ه-. و في هذه السنة قامت الدولة العباسية.
و توقع الناس في العهد الجديد عهدا سعيدا و انتقالا مباركا، و نتيجة صالحة بعد خوض غمرات الحروب، و مشاهدة المحن و التضحية في سبيل تحقيق تلك الأمنية، و هي إقامة دولة عادلة تحكم بكتاب اللّه و سنة نبيه، التي لم يظفر بها المسلمون في العهد الأموي إلا ببعضها في أيام عمر بن عبد العزيز.
فتطلعوا فجر ذلك العهد الميمون، و شخصوا بأبصارهم إلى معرفة المتربع على دست الحكم، و هو (الرضا من آل محمد) و أصبح المجتمع يزخر بآمال عظيمة، لأنهم أعدل الناس في الحكم، و أعلمهم بالدين، فانكشف الأمر بظهور بني العباس و اختصاصهم بمنصب الخلافة، بعد أن خابت آمال بعض زعماء الثورة و قواد الجيش بإسناد الحكم لآل علي، و في طليعتهم جعفر بن محمد و قد رفض ذلك الطلب كما سيأتي بيانه.
و لم يكن العباسيون ليتجرّءوا على الإفصاح عن نواياهم و أغراضهم و هم ينضمون إلى جموع الناقمين و مسيرة الثورة و أبقوا على ما في نفوسهم و هم يتمسكون في السر بشمول شعار (الرضا من آل محمد) لعائلتهم، و لم يخطر ذلك ببال الثوار و ظل العباسيون يضمرون نواياهم.