اسم الکتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة المؤلف : الشيخ أسد حيدر الجزء : 1 صفحة : 367
و على رسوله بوضع الأحاديث في مدح عاصمة ملكهم و مقر دولتهم. و لا نود إطالة الحديث في المحاولات الفاشلة في تبرير أعمال الأمويين و إسناد الثورة عليهم لا من جهة حكمهم بل من جهة العنصرية فحسب.
عظات و عبر:
و على أي حال فقد بيّنا أن الثورة بصورتها العامة إنما هي ضد الحكم الأموي، و قد كانت هذه الثورات عنيفة، تعبر بعمق و أصالة عن استنكار المسلمين تلك المعاملة القاسية التي عاملوا بها الأمة، و اتخاذهم تلك الإجراءات ضد أهل البيت و هم يحسبون أنهم يحسنون لأنفسهم صنعا، و يأملون من ورائها تخليد سلطانهم مع الزمن، و لم يلتفتوا إلى حراجة الموقف و سوء العاقبة حيث إن الخلافة الإسلامية تدور عليها سعادة الأمة و قوة الإسلام، و قد عظم على المسلمين أن تتحول من أوج العظمة إلى حضيض الاستهتار، و أصبحت الأوضاع مقلوبة فوليها بعد الخلافة الراشدة من لا عهد له بالدين، و لا معرفة له بالهدى، و هم أولي غلظة لا ينفذ إلى قلوبهم شعاع الرحمة، فلا يسمعون لمتظلم شكوى، و لا يدفعون عن الأمة ما يسوؤها من تلك المعاملات القاسية.
فكانت عاقبة أمرهم أن مزقوا كل ممزق، و خرج بقية السلف منهم من رجال و نساء هائمين على وجوههم خوفا على أنفسهم و طلبا للنجاة، و لجئوا لبلاد النوبة، فأخرجهم عظيمها، فكانوا عرضة للخطر، حتى صاروا إلى بجاوة فقاتلهم عظيمها، و انصرفوا يريدون اليمن، و مروا في البلاد هائمين.
و كان عبيد اللّه و عبد اللّه ولدا مروان الحمار آخر ملوك الأمويين هما قادة تلك الفرقة الهائمة، فعرض لهما طريقان بينهما جبل، فأخذ كل واحد منهما في طريق، و هما يريان أنهما يلتقيان بعد ساعة، فسارا يومهما ذلك، ثم راما الرجوع فلم يقدرا و سارا أياما، ثم لقي عبد اللّه منسرا من مناسر الحبشة فقاتلهم فزرقه رجل منهم بمزراق فقتل عبد اللّه و استأسر أصحابه، فأخذت الحبشة كل ما معهم و تركوهم، فمروا في البراري عراة حفاة حتى أهلكهم العطش، فكان الرجل يبول في يده و يشربه حتى لحقوا عبيد اللّه بن مروان و قد ناله من العري و الشدة أكثر مما نالهم، و معه عدة من حرمه عراة حفاة، قد تقطعت أقدامهم من المشي، و شربوا البول حتى تقطعت
اسم الکتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة المؤلف : الشيخ أسد حيدر الجزء : 1 صفحة : 367