اسم الکتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة المؤلف : الشيخ أسد حيدر الجزء : 1 صفحة : 105
و يطول بنا الحديث إذا حاولنا تتبع مخارج هذا الحديث و بسط القول فيه، و قد اقتصرنا على هذا القدر من طرقه و قد ألف الحافظ محمد بن طاهر بن علي المعروف بالقيصراني كتابا خاصا جمع فيه طرق هذا الحديث و قد خرجه عن 27 صحابيا.
و هناك أمر يستدعي الانتباه و هو أن يد التحريف التي لا زالت تبعث في الأمة عوامل التفرقة قد جنت جناية عظيمة، إذ امتدت إلى نص الحديث فتلاعبت به فإن الحديث يقول: كتاب اللّه و عترتي، فبدلوه إلى: «كتاب اللّه و سنتي» و هم يقصدون من وراء ذلك تغيير الواقع و التمويه لما يتضمنه هذا الحديث الشريف الذي قرن العترة بالكتاب، و جعلهما كتوأمين يلزم التمسك بهما، و إيثار حقهما، و أن العترة باقية إلى يوم القيامة.
قال الشريف السمهودي: هذا الخبر يفهم منه وجود من يكون أهلا للتمسك به من عترته (صلّى اللّه عليه و آله و سلم) في كل زمن إلى قيام الساعة حتى يتوجه الحث المذكور على التمسك به، كما أن الكتاب كذلك، و لذا كانوا أمانا لأهل الأرض، فإذا ذهبوا ذهب أهل الأرض [1].
و قال الشيخ الزرقاني- بعد شرحه لهذا الحديث-: أما الكتاب فلأنه معدن العلوم الدينية، و الأسرار و الحكم الشرعية، و كنوز الحقائق، و خفايا الدقائق.
و أما العترة فلأن العنصر إذا طاب أعان على فهم الدين، فطيب العنصر يؤدي إلى حسن الأخلاق، و محاسنها يؤدي إلى صفاء القلب و نزاهته و طهارته، و أكد (صلّى اللّه عليه و آله و سلم) تلك الوصية و قواها بقوله: «فانظروا بما ذا تخلفوني فيهما» هل تتبعوني فتسروني، أو لا فتسيئوني؟ [2].
و هو (صلّى اللّه عليه و آله و سلم) أعرف بالمصالح العامة، و رأى أن مصلحة أمته في التمسك بهذين الثقلين من باب رعاية المصلحة لهم، و تحصيلا لسعادتهم، فأكد (ص) في عدة مواطن على لزوم اتباع أهل بيته و أنهم أولى الناس برعاية شئون الأمة و لذا جعل مثلهم كمثل سفينة نوح.
حدث أبو ذر الغفاري عن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله و سلم)- و هو آخذ بباب الكعبة- أنه قال:
«مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا و من تخلف عنها غرق».