و ما به الاجتماع ما لو مضى و لكن لم يدخل في شيء آخر فإن مقتضى حديث زرارة عدم جريان القاعدة و مقتضى حديث ابن مسلم الجريان.
فربّما يقال: بتقديم حديث ابن مسلم على حديث زرارة بدعوى أن العموم الوضعي قابل لأن يكون قرينة على التصرف في العام الإطلاقي إذ الإطلاق معلّق حدوثا و بقاء على عدم قيام قرينة على خلافه.
و إن شئت فقل: إن ظهور العموم الإطلاقي تعليقي و ظهور العام الوضعي تنجيزي فطبعا لا يبقى مجال للتعليقي مع وجود التنجيزي لارتفاع موضوعه.
و هذا كلام شعري و لا أصل له فإنه لا فرق بين الأمرين و الميزان في تحقق الإطلاق تمامية مقدمات الحكمة في أول الأمر نعم إذا قامت قرينة منفصلة ترفع اليد عن الظهور بلا فرق بين الإطلاق و العموم.
إن قلت: العموم الوضعي أقوى دلالة فلا بدّ من تقديمه.
قلت: هذه الدعوى كالدعوى الأولى ليس تحتها شيء و لم يرد في هذا الباب آية و لا رواية فإن الميزان في التقديم كون أحد الدليلين قرينة على الآخر في المتفاهم العرفي و لذا نرى تقديم قوله (يرمي) على قوله: (رأيت أسدا) مع أن ظهور الأسد في الحيوان المفترس وضعي و ظهور لفظ يرمي في الرمي بالنبال إطلاقي فالحاصل تحقق التعارض.
و ربما يقال: إن نتيجة التعارض إذا كان على نحو التباين الجزئي كما في المقام سقوط كلا الدليلين.
و هذه الدعوى أيضا غير تامة فلنا دعويان:
الأولى: عدم الفرق بين الوضع و الإطلاق.
الثانية: أنّ التباين الجزئي كالكلي داخل في المتعارضين فلا بد من إعمال قوانين