توضيح المدعى انّ المفوضة حيث رأوا ان كلام الاشاعرة و المجبرة الذين يقولون بعدم كون افعال العباد اختيارية و يستلزم اعتقادهم نسبة الظلم الى ساحة القدس الربوبي سلكوا مسلكا آخر كي لا يقعوا في محذور الجبر و التزموا باختيارية افعال المكلّفين و قالوا الحادث بعد حدوثه لا يحتاج الى المؤثر فلا يرتبط الفعل الصادر من العبد بساحة القدس الربوبي و زعموا أنّهم سلكوا طريق الحق بخلاف الاشاعرة.
و يردّ عليهم انّ ما ذهبوا إليه أكثر اشكالا و أسوأ من مذهب الاشاعرة.
إذ يرد على هذا المسلك اولا انّ الوجود الامكاني لا يعقل ان يصير واجبا و لا يمكن تعلق القدرة به و بعبارة اخرى الممكن كما انه يكون في الحدوث محتاجا الى مؤثر يكون كذلك بقاء.
و ثانيا: انّ ما ذهب إليه مستلزم للشرك فانّ زيدا بعد وجوده يكون شريكا مع الباري تعالى و هذا الشرك أشد فسادا من الشرك الذي التزم به الثنوية القائلون بتعدد الإله و كونه اثنين أحدهما يزدان و هو خالق الخيرات ثانيهما أهرمن و هو خالق الشرور و لكن المفوضة قائلون بالتعدد الى ما لا نهاية له.
و ثالثا: انّ حكم الامثال واحد و من هذه الجهة لا يكون فرق بين الاناسي و الحيوانات.
و رابعا: أنّه كيف لا يكون الممكن بعد حدوثه غير محتاج الى المؤثر و الحال أنّه نرى فناء الاشياء و ممات الاحياء و من الواضح انّ الواجب لا يمكن انعدامه.
و خامسا: انّه يلزم ابطال الشرائع و الأديان إذ على هذا المسلك لا يتصور المعاد كي يحاسب العبد فانّ الواجب لا يفنى و يدل بعض النصوص على كونهم مشركين قال القمي (رحمه اللّه) في تفسيره في رواية ابي الجارود قوله: كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ* فَرِيقاً هَدى وَ فَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ قال خلقهم حين خلقهم مؤمنا كافرا و شقيّا