responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأصول في علم الأصول المؤلف : الإيرواني، الشيخ علي    الجزء : 1  صفحة : 58

المولى بلا إناطة بأن تكون على طبقه إرادة منه.

و السرّ أنّ تنفيذ أمر المولى و كلمته و إنجاز بعثه و خطابه بنفسه مقصود من المقاصد الأصليّة له- سواء كانت هناك إرادة بذات الفعل أو لم تكن- و مثل هذه من الإرادات بالعناوين الثانويّة غير عزيز.

و من هنا ظهر أنّ عدم سقوط الأمر في العبادات بالإتيان بجرم العمل إنّما هو لنقص في العمل و عدم اشتماله على المطلوب بتمامه، و هذا بخلاف الأوامر التوصّليّة حيث إنّ المطلوب الأصلي فيها مطلق الفعل و الفعل بأيّ داع كان و إن كان المبعوث إليه أيضا خاصّا.

فإذا حصل المطلوب الأصلي بالإتيان بجرم العمل لم يبق محلّ للبعث؛ إذ البعث كان منبعثا منه، فإذا لم يبق مراد أصلي لم يبق مراد بعثي تبعي، و قد عرفت أنّ هذا لا يكون إلّا فيما كان عجز يمنع المولى من ترتيب مقدّمات الوصول إلى مقصده على سعته، فيرتّب ما وسعه من المقدّمات و يترك ما لم يسعه.

أمّا إذا كان المولى قادرا على كلّ المقدّمات و مع ذلك لم يرتّب كشف ذلك لا محالة عن عدم سعة إرادته و كون اقتضاء إرادته لا يزيد على ما رتّبه من المقدّمات؛ و لذلك قلنا: إنّ كلّ أوامر الشارع عباديّة مطابق الآية الكريمة المباركة [و هي قوله تعالى:] وَ ما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ‌ [1].

إن قيل: نحن نرى بالعيان و نشاهد بالوجدان وجود أوامر توصّليّة في الشريعة تسقط أوامرها بحصول متعلّقاتها بأيّ وجه كان.

قلنا: كلّ تلك الأوامر تعبّديّة و المطلوب فيها خاصّ بالحاصل منها بداعي الطلب، و ما عداه لا يتّصف بالمطلوبيّة سواء كان فعلا اختياريّا للمكلّف أو لم يكن، بل كان فعلا لغير ذي شعور، و مع ذلك يسقط به الطلب من جهة رفعه لموضوع الطلب. مثلا حصول غسل الثوب بإطارة الريح و إلقائه في البحر- فضلا عن غسل المكلّف له اضطرارا أو اختيارا و لكن لا بداعي الأمر- يكون موجبا لارتفاع النجاسة الموجب لسقوط الخطاب بغسل النجس، و هكذا.


[1]. البيّنة (98): 5.

اسم الکتاب : الأصول في علم الأصول المؤلف : الإيرواني، الشيخ علي    الجزء : 1  صفحة : 58
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست