responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأصول في علم الأصول المؤلف : الإيرواني، الشيخ علي    الجزء : 1  صفحة : 57

و أنت إذا تأمّلت الأفعال الاختياريّة وجدت فيها ما ذكرناه بأشدّ وضوح، فمن لبس جبّة أو فراء توقّيا من البرد كان مقصوده و متعلّق إرادته التوقّي بتلك الجبّة و الفراء دون سائر الموقّيات التي لم يصطنعها، أو [من‌] علّق شمعة كان مقصوده و متعلّق إرادته الاستضاءة بضوء تلك الشمعة لا كلّ ما هو مضي‌ء، و هلمّ جرّا.

نعم، قد يكون المقصود الأصلي عامّا و مع ذلك لا يرتّب المقدّمات على حسب سعة مقصوده و بمقدار واف بمقصوده لعجز منه عن ذلك؛ و مثل هذا في الواجبات يسمّى واجبا توصّليّا، كما أنّ الأوّل يختصّ باسم التعبّدي.

لكنّ هذا لا يتصوّر في أوامر الشارع الذي لا يتصوّر عجز في مقامه، فلذا صحّ القول منّا بأنّ كلّ أوامر الشارع أوامر تعبّديّة، و الانقسام إلى القسمين يكون في أوامر غيره. فالأمر التوصّلي هو ما كان المقصود الأصلي و متعلّق الإرادة فيه أوسع مما تعلّقت به الإرادة البعثيّة، أعني الفعل الحاصل بداعي البعث و تحريكه‌ [1]. فالمراد عامّ و متعلّق البعث خاصّ، فلذلك يسقط التكليف بكلّ فعل و لو لم يكن بداعي البعث، بل [لو] لم يكن فعلا اختياريّا للمكلّف، بل [و لو] لم يكن فعلا له أصلا، كغسل الثوب الحاصل بإطارة الريح و إلقائه في البحر.

و لازم ما ذكرناه هو أن تكون التعبّديّة بدخل داعي الإرادة في متعلّق الإرادة، لكنّ إحدى الإرادتين غير الاخرى فلا يلزم منه المحذور المتقدّم؛ فإنّ الإرادة الداعية هي الإرادة البعثيّة الطلبيّة المقدّميّة، و الإرادة التي أخذ هذه في متعلّقها هي الإرادة الأصليّة، يعني أنّ المولى في يومه الأوّل يريد ما يبعث إليه طلبه- و ما هو أثر مقدّماته و نتيجة أعماله- لا يريد أوسع من ذلك، و ما هو أثر البعث هو الفعل الحاصل بداعي البعث، و أمّا الحاصل بدواع أخر فليس هو أثر البعث، فليس هو داخلا تحت إرادة المولى.

نعم، هذا يتوقّف على كون بعث المولى بنفسه باعثا مع قطع النظر عن تلك الإرادة الواقعيّة- بل و إن خلت عن تلك الإرادة الواقعيّة، و علم أنّه بعث صوري لا إرادة دونه- و إلّا كان المحذور باقيا، و الظاهر أنّه كذلك و أنّ الإطاعة التي يلزم بها العقل موضوعها مطلق بعث‌


[1]. لأنّه لو لا أمر الشارع به لما فعله المكلّف؛ لعدم معرفته به. و حيث إنّ متعلّق الغرض أوسع من إتيانه بقصد أمر الشارع كان الغرض يسقط بمجرّد إتيانه. و لو من دون قصد الامتثال به.

اسم الکتاب : الأصول في علم الأصول المؤلف : الإيرواني، الشيخ علي    الجزء : 1  صفحة : 57
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست