responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأصول في علم الأصول المؤلف : الإيرواني، الشيخ علي    الجزء : 1  صفحة : 110

و محلّ الكلام من هذا القبيل؛ فإنّ الأمر بالمهمّ و إن اجتمع مع الأمر بالأهمّ، و قد توجّه حينما هو متوجّه إلّا أنّه لم يجتمع معه حينما هو مؤثّر، بل اختصّ توجّهه بحينما خلا الأمر بالأهمّ عن التأثير و لو عزما من المكلّف على المعصية، و بمجرّد ارتفاع هذا العزم يرتفع الأمر بالمهمّ بارتفاع شرطه.

و الشاهد على قصور اقتضاء الأمر بالمهمّ و كونه عقيب تأثير الأمر بالأهمّ مع كونه مجمعا معه في التوجّه و التعلّق هو: أنّه لو فرض محالا جمع المكلّف بينهما لم يقع الفعلان جميعا على صفة الامتثال، بل يقع المهمّ لغوا و تختصّ صفة الامتثال بالأهمّ.

لا يقال: فما فائدة توجيه طلبين كذلك بعد أن كان الانبعاث من أحدهما قاصرا و ليس في مستوى الانبعاث من الآخر؛ فإنّ الغرض من البعث هو الانبعاث، فإذا علم بعدم تصوّر الانبعاث الجمعي فما معنى البعث الجمعي، و أيّ محلّ يبقى للأمر بالضدّين في زمان واحد؟

فإنّه يقال: الأمران بذاتيهما غير قاصرين في الاقتضاء، و عدم تأثير أحدهما الموجب لتوجّه الآخر ليس لنقص في اقتضائه و إنّما هو من جهة عصيان المكلّف. و المفروض أنّ العزم على المعصية لا يوجب ذهاب الطلب و لا يرفع معقوليّته، فالأمر بالأهمّ باق مع عزم المكلّف على عصيانه، و مع ذلك يتوجّه الأمر بالمهمّ لتحقق شرط توجّهه و هو العزم المذكور. فاجتمع الأمران بذاتيهما بلا تصادم في اقتضاءيهما؛ إذ لم يكن متعلّق الأمر في المهمّ إتيان المهمّ على كون المكلّف آتيا بالأهمّ و في عرض كونه آتيا بالأهمّ، بل بشرط عدم كونه آتيا به. و لا مانع عقلا من اجتماع أمر كذائي قاصر الاقتضاء مع أمر آخر بضدّه.

و الحاصل: أنّ قصد معصية الأمر بالأهمّ لا يجعل أمره لغوا و إلّا لغي توجيه الأمر إلى العصاة. ثمّ في هذا الموضوع لا مانع من إحداث الداعي في نفس المكلّف بالأمر بضدّه؛ فإنّه يشتغل في هذا الموضوع بشغل البتّة فيصرفه المولى بأمره عن سائر الأشغال إلى فعل المأمور به المهمّ.

و هناك وجه آخر لجواز الأمر بالضدّين على وجه الترتّب خطر بالبال، و حاصله: أنّ الأوامر بأجمعها منبعثة عن مناط واحد- هو جامع المناطات و المصالح المتشتّتة- فكانت الأوامر أيضا منتهية إلى أمر واحد متوجّه إلى جامع تلك المتشتّتات، كما أنّ النواهي كذلك ترجع إلى نهي واحد عن جامع ما يؤثّر في الفساد و هذه الكثرات كثرات صوريّة و حقيقتها

اسم الکتاب : الأصول في علم الأصول المؤلف : الإيرواني، الشيخ علي    الجزء : 1  صفحة : 110
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست