responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأصول في علم الأصول المؤلف : الإيرواني، الشيخ علي    الجزء : 1  صفحة : 111

هي ذلك الواحد، إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ الْإِحْسانِ‌ [1] و وَ يَنْهى‌ عَنِ الْفَحْشاءِ وَ الْمُنْكَرِ [2] فالأوامر بشتاتها تفصيل أمر واحد و كثرات طلب فارد، و كذا النواهي.

و التكثّر جاء من نسبة الطلب إلى أنواع المتعلّقات و إلّا فالطلب واحد لجامع ذي المصلحة و ذي المفسدة، و حينئذ فإذا تزاحم واجبان، كان معنى ذلك أنّ تحصيل مناطيهما غير مقدور، و مقتضاه أن يسقط غير المقدور عن حيّز الطلب و يبقى المقدور.

و المقدار المقدور مع تساوي المناطين هو أحد المناطين لا على سبيل التعيين فيتخيّر بينهما عقلا. و مع الاختلاف، المقدور هو المقدار المشترك من المناطين مع فضل ذي الفضل لا خصوص ذي المناط الفاضل. و إنّما يتعيّن ذو المناط الفاضل عقلا تحصيلا للفضل لا لأجل خصوصيّة فيه بالنسبة إلى المقدار المشترك. فعلى ذلك لو أتى المكلّف بغير ذي الفضل فهو بالنسبة إلى المقدار المشترك ممتثل لأمر حصّل المقدار المشترك الممكن التحصيل و إن كان عاصيا في ترك الفضل، و فرارا عن هذا العصيان و طلبا للفضل قد عيّن العقل إتيان ذي الفضل بلا خصوصيّة له في المقدار المشترك، بل هو و صاحبه في حدّ سواء في ذلك.

فصحّ أن نقول: إنّ المقدار المشترك معروض للطلب، و في أيّ من المتزاحمين أتاه فقد امتثل أمره- و إن تعيّن امتثاله في الأهمّ تحصيلا لما فيه من الفضيلة- لكن لو ترك ذلك و أتى بالمهمّ، لم يكن فعله ذلك خلاف المأمور به؛ فإنّ الأمر بالمهمّ هو عين الأمر بالأهمّ بالنسبة إلى المصلحة المشتركة لا شي‌ء غيره.

و ملخّص الكلام و مختصر المقام هو: أنّ المصلحة المشتركة مأمور بتحصيلها، و كلّ من الضدّين مصداق لهذا المأمور به سواء تساويا في مقدار المصلحة أو اختلفا. نعم، تختصّ صورة الاختلاف بالأمر بالأهمّ تحصيلا للفضل و الزيادة، فلو تركه المكلّف فقد فوّت على نفسه هذه الفضيلة مع تدارك المقدار المشترك المأمور به في ضمن المهمّ بلا قصور فيه و لا فتور.

و من هنا كان سبيل القول بالترتّب واضحا على القول بتبعيّة الأحكام لمصالح في‌


[1]. النحل (16): 90.

[2]. النحل (16): 90.

اسم الکتاب : الأصول في علم الأصول المؤلف : الإيرواني، الشيخ علي    الجزء : 1  صفحة : 111
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست